الربوبية وما عرفت توحيد الألوهية فيستحلون دمه وماله بالتلبيسات الباطلة وهل للكافر توحيد صحيح فإنه لو كان للكافر توحيد صحيح لأخرجه من النار إذ لا يبقى فيها موحد فهل سمعتم أيها المسلمون في الأحاديث والسير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قدمت عليه أجلاف العرب ليسلموا على يده يفصل لهم توحيد الربوبية والألوهية ويخبرهم أن توحيد الألوهية هو الذي يدخلهم في دين الإسلام أو يكتفى منهم بمجرد الشهادتين وظاهر اللفظ ويحكم بإسلامهم فما هذا الافتراء والزور على الله ورسوله فإن من وحد الرب فقد وحد الإله ومن أشرك بالرب أشرك بالإله فليس للمسلمين إله غير الرب فإذا قالوا لا إله إلا الله إنما يعتقدون أنه هو ربهم فينفون الألوهية عن غيره كما ينفون الربوبية عن غيره أيضا ويثبتون له الوحدانية في ذاته وصفاته وأفعاله والذي أوقع المشركين في الشرك والكفر ليس مجرد قولهم ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى كما زعم هذا القائل بل اعتقادهم إن غير الله قد يكون إلها يستحق العبادة وإن كانوا يعتقدون إن الخالق والمؤثر هو الله تعالى فلما اعتقدوا ألوهية غير الله واستحقاقه العبادة وأقيمت عليهم الحجة بأنهم لا يملكون لكم ضرا ولا نفعا ولا يخلقون وهم يخلقون قالوا ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى فاعتقاد الألوهية واستحقاق العبادة لغيره هو الذي أوقعهم في الشرك ولم ينفعهم اعتقادهم إن الخالق والمؤثر هو الله مع وجود اعتقادهم ألوهية غير الله واستحقاقه العبادة وأما المسلمون فإنهم لله الحمد بريئون من ذلك إذ لا يعتقدون شيئا يستحق الألوهية والعبادة غير الله فهذا هو الفرق بين الحالين وأما هؤلاء الجاهلون المكفرون للمسلمين فإنهم لما لم يعرفوا الفرق بين الحالتين تخبطوا وقالوا إن التوحيد نوعان توحيد الربوبية وتوحيد لألوهية وتوصلوا بذلك إلى تكفير المسلمين فتأمل فيما تقدم من النصوص يتضح لك الحال إن شاء الله تعالى وتعلم أن ما عليه السواد الأعظم هو الحق الذي لا محيص عنه ومما يعتقده هؤلاء الملحدة المكفرة للمسلمين إن قصد الصالحين والاعتقاد فيهم والتبرك بهم شرك أكبر وهذا أيضا باطل فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر صاحبيه عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب رضي
(٣٨)