يجوز التوسل بالأعمال الصالحة مع كونها أعراضا فالذوات الفاضلة أولى فإن عمر رضي الله عنه توسل بالعباس رضي الله عنه وأيضا لو سلمنا ذلك نقول لهم إذا جاز التوسل بالأعمال الصالحة فما المانع من جوازها بالنبي صلى الله عليه وسلم باعتبار ما قام به من النبوة والرسالة والكمالات التي فاقت كل كمال وعظمت على كل عمل صالح في الحال والمآل مع ما ثبت من الأحاديث الدالة على ذلك ومثله سائر الأنبياء والمرسلين صلوات الله وسلامه عليه وعليهم أجمعين وكذا الأولياء وعباد الله الصالحين لما فيهم من الطهارة القدسية ومحبة رب البرية وحيازة أعلى مراتب الطاعة واليقين من رب العالمين وذلك سببه كونهم من عباد الله المقربين فيقضي الله سبحانه وتعالى بالتوسل بهم حوائج المؤمنين وينبغي أن يكون ذلك التوسل مع الأدب الكامل واجتناب الألفاظ التي توهم التأثير لغير الله تعالى ومن أدلة جواز التوسل قصة سواد بن قارب رضي الله عنه التي رواها الطبراني في الكبير وفيها أن سواد بن قارب أنشد رسول الله صلى الله عليه وسلم قصيدته التي فيها لتوسل ولم ينكر عليه ومنها قوله وأشهد أن الله لا رب غيره * وأنك مأمون على كل غائب وأنك أدنى المرسلين وسيلة * إلى الله يا ابن الأكرمين الأطايب فرنا بما يأتيك يا خير مرسل * وإن كان فيما فيه شيب الذوائب وكن لي شفيعا يوم لا ذو شفاعة * بمغن فتيلا عن سواد بن قارب فلم ينكر عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله أدنى المرسلين وسيلة ولا قوله وكن لي شفيعا وكذا من أدلة التوسل مرثية صفية رضي لله عنها عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنها رثته بعد وفاته صلى الله عليه وسلم بأبيات فيها قولها ألا يا رسول الله أنت رجاؤنا * وكنت بنا بر أو لم تك جافيا ففيها النداء بعد وفاته مع قولها وأنت رجاؤنا وسمع تلك المرثية الصحابة رضي الله عنهم فلم ينكر عليها أحد قولها يا رسول الله أنت رجاؤنا قال العلامة ابن حجر في كتابه المسمى بالخيرات الحسان في مناقب الإمام أبي حنيفة
(٢٧)