إلا أن كان أحد في أطراف الأرض ما يلحق له خبر وإلا فمن أطراف الشرق إلى أطراف الغرب إلى الروم إلى اليمن كل هذا ممتلئ مما زعمتم أنه الأصنام وقلتم من لم يكفر من فعل هذه الأمور والأفعال فهو كافر ومعلوم أن المسلمين كلهم أجروا الإسلام على من انتسب إليه ولم يكفروا من فعل هذا فعلى قولكم جميع بلاد الإسلام كفار إلا بلدكم والعجب أن هذا ما حدث في بلدكم إلا من قريب عشر سنين فبان بهذا الحديث خطؤكم والحمد لله رب العالمين (فإن قلت) ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال أخوف ما أخاف عليكم الشرك قلت هذا حق وأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم لا تتعارض ولكن كل حديث ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه يخاف على أمته الشرك قيده بالشرك الأصغر كحديث شداد بن أوس وحديث أبي هريرة وحديث محمود بن لبيد فكلها مقيدة ومبينة إنما خاف رسول الله صلى الله عليه وسلم منه على أمته الشرك الأصغر وكذلك وقع فإنه ملأ الأرض كما أنه خاف عليهم الافتتان والقتال على الدنيا فوقع وهو أي الشرك الأصغر هو الذي تسمونه الآن الشرك الأكبر وتكفرون المسلمين به بل تكفرون من لم يكفرهم فاتفقت الأحاديث وبان الحق ووضح والحمد لله (فصل) ومما يدل على بطلان مذهبكم ما روى مسلم في صحيحه عن جابر ابن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال إن الشيطان قد آيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب ولكن في التحريش بينهم وروى الحاكم وصححه وأبو يعلى والبيهقي عن ابن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الشيطان قد يئس أن تعبد الأصنام بأرض العرب ولكن رضي منهم بما دون ذلك بالمحقرات وهي الموبقات وروى الإمام أحمد والحاكم وصححه وابن ماجة عن شداد بن أوس قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول أتخوف على أمتي الشرك قلت يا رسول الله أتشرك أمتك بعدك قال نعم أما إنهم لا يعبدون شمسا ولا قمرا ولا وثنا ولكن يراؤن بأعمالهم (انتهى) أقول وجه الدلالة منه كما تقدم أن الله سبحانه أعلم نبيه من غيبه بما شاء وبما هو كائن إلى يوم القيامة وأخبر صلى الله عليه وسلم أن الشيطان أن قد أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب وفي حديث ابن مسعود أيس الشيطان أن تعبد الأصنام بأرض العرب وفي حديث شداد أنهم لا يعبدون وثنا وهذا بخلاف مذهبكم فإن البصرة وما حولها والعراق من دون دجلة الموضع الذي فيه قبر
(٤٥)