* وهنا.. كان هاشم يملأ مكة والجزيرة برا ومجدا وكرما، فهو الذي يطعم الحجيج، ويحمي الذمار، ويرسل قوافله إلى الشام وإلى اليمن لتعود موقرة بالخير والرزق للناس، حتى قال فيه شعراء قريش يومئذ:
عمرو الذي هشم الثريد لقومه * قوم بمكة مسنتين عجاف سنت إليه الرحلتان كلاهما * سفر الشتاء ورحلة الأصياف بينما عبد شمس مزمع أسفار دائما لا يحمل تجاه قومه ما يجب من تبعات..
* وهنا... شهدت مكة ذات يوم أروع منجزاتها الأخلاقية والسياسية يوم أقرت كل قبائلها (حلف الفضول).. ذلك الحلف كان مضمونه وفحواه أن ترد الحقوق إلى أهلها، وألا ينتصر ظالم على مظلوم، وأن يضحي المشتركون فيه بحياتهم إذا تعرضت العدالة لخطر..!!!
ومن عجب أن كل قبائل قريش وبطونها، اشتركت يومئذ في هذا الحلف ما عدا بنو عبد نوفل.. وبنو عبد شمس آباء الأمويين..!!
* وهنا يستطيع (الحسين) أن يمد بصره فيرى الدار التي عاش فيها وبزغ منها جده العظيم (محمد رسول الله) هاتفا بكلمة الله، حاملا معوله الرشيد في وجه وثنية الحجر.. ووثنية البشر..!!
ويستطيع أن يمد بصره، فيرى (زمزم) التي حفرها جده (المطلب) امتثالا لرؤيا صادقة، والتي كانت لقريش حياة وريا، وصارت للمسلمين تراثا ومنسكا..
ويستطيع أن يمد بصره فيرى الدور التي خرج منها مهديون أبرار، آمنوا بالرسول وآزروه في دعوته ووحدته، وفي مقدماتها دار أبي بكر.. ثم يرى الدور التي خرج منها أولئك الذين سخروا من دعوته، واضطهدوا أهله وصحبه، وفي مقدمتها دار أبي سفيان..!