على أية حال، فقد جلس يزيد حيث كان يجلس أبوه من قبل، وسبق الناس إليه يبايعونه ملكا، بعد أن بايعوه من قبل أميرا..
واهتز كيانه فزعا، تحت ضغط مشاعره الوجلة لوجود الحسين وابن الزبير ابن أبي بكر وابن عمر بالمدينة، فكتب على الفور إلى عامله هناك - الوليد ابن عتبة بن سفيان - بهذا الأمر الحاسم:
(.. أما بعد، فخذ حسينا، وعبد الله بن وعمر وعبد الله بن الزبير، وعبد الرحمن بن أبي بكر بالبيعة أخذا شديدا، ليس فيه رخصة حتى يبايعوا، والسلام).
واستنجد الوليد بمشورة قريبة مروان، وكان مروان واليا على المدينة من قبل، ثم سخط قرار معاوية أخذه البيعة ليزيد، إذ كان يرى نفسه بحكم سنه ومشيخته في بني أمية أحق بها وأولى..
ولخص مروان مشورته للوليد في هذه الكلمات السود: (.. أما ابن عمر، وابن أبي بكر، فلا أراهما يريان القتال... ولكن عليك بالحسين وعبد الله ابن الزبير، إليهما فإن بايعا، وإلا فاضرب أعناقهما قبل أن يذيع في الناس نبأ موت معاوية، فيثب كل واحد منهما في ناحية)..!!
هكذا، وبكل يسر واستهتار يطوح مروان بالرقاب!!
اضرب أعناقهما..!!
هذا هو نهج الذين اغتصبوا حق المسلمين في خلافتهم، وأرادوا أن يجعلوه وقفا على أنفسهم وعلى ذراريهم حتى آخر طفل فيهم وآخر رضيع..!!
ومروان هذا، الذي يشير بقطع الرقاب، هو الذي سينتقل إليه الملك بعد أربعة أعوام من ملك يزيد.. وهو الذي سيظل الملك في عقبه حتى يجئ العباسيون بعد عشرات من السنين، لا نرى فيها وفى كل أولئك