الغذاء بعد الهضم التام ليصير مبدأ لشخص آخر من نوع المغتذي أو جنسه ثم تفصل ما فيه من الكيفيات المزاجية فتمزجها تمزيجات بحسب عضو عضو ثم تفيده بعد الاستحالات الصور والقوى والأعراض الحاصلة للنوع الذي انفصل عنه البذر أو لجنسه كما في البقل والمحققون على أن هذه الأفعال مستندة إلى قوى ثلاث بينوا حالها على ما عرف في الإنسان وكثير من الحيوانات الأولى التي تجذب الدم إلى الأنثيين وتتصرف فيه إلى أن يصير منيا وهي لا تفارق الأنثيين وتخص باسم المحصلة والثانية التي تتصرف في المني فتفصل كيفياتها المزاجية وتمزجها تمزيجات بحسب عضو عضو فتعين مثلا للعصب مزاجا خاصا وللشريان مزاجا خاصا وللعظم مزاجا خاصا وبالجملة تعد مواد الأعضاء وتخص هذه باسم المفصلة والمغيرة الأولى تمييزا عن المغيرة التي هي من جملة الغاذية أعني التي تغير الغذاء الوارد على البدن إلى مشاكلة أعضائه فإنها إنما تكون بعد تصرف المغيرة الأولى وحصول البدن بأعضائه والثالثة التي تفيد تمييز الأجزاء وتشكيلها على مقاديرها وأوضاع بعضها عند بعض وكيفياتها وسائر ما يتعلق بنهايات مقاديرها وبالجملة تلبس كل عضو صورته الخاصة به فيكمل وجود الأعضاء وهذه تخص باسم المصورة ومحلها المني كالمفصلة وفعلهما إنما يكون في الرحم وكلام القوم متردد في أن المولدة اسم للقوى الثلاث جميعا أو للمحصلة وحدها أولها وللمفصلة معا والأول هو المفهوم من الشفاء والإشارات حيث حصر القوى الطبيعية في الغاذية والنامية والمولدة من غير تعرض للمصورة ولذا قال الشارح الإشارات أن المولدة للمثل تنقسم إلى نوعين مولدة ومصورة والمولدة إلى نوعين محصلة ومفصلة فأراد بالمولدة أو لا المتصرفة لحفظ النوع ليعم الأقسام وثانيا المتصرف لا على وجه التصوير ليكون أخص بل كلام الشفاء صريح فيما ذكرنا لأنه قال المولدة قوة تأخذ من الجسم الذي هي فيه جزأ هو شبيه بالقوة فتفعل فيه باستمداد أجسام أخرى تشبه به من التحليق والتمزيج ما يصيره شبيها به بالفعل وقال للمولدة فعلان أحدهما تخليق البذر وتشكيله وتطبيعه والثاني إفادة أجزائه في الاستحالة الثانية صورها من القوى والمقادير والأعداد والأشكال والخشونة والملاسة وما يتصل بذلك متسخرة تحت قدرة المنفرد بالجبروت عز شأنه والثاني أعني كون المولدة اسما للمحصلة مذهب بعض الأقدمين وبه يشعر ما نقل عن ابن سينا أن القوة المولدة تخدمها القوتان اللتان إحداهما المفصلة والأخرى المصورة والثالث أعني كونها اسما لما يعم المحصلة والمفصلة مذهب الجمهور والمصرح به في القانون حيث قال أن القوة المتصرفة لبقاء النوع تنقسم إلى نوعين إلى المولدة والمصورة والمولدة نوعان نوع يولد المني في الذكر والأنثى ونوع يفصل القوى التي في المني فيمزجها تمزيجات بحسب عضو عضو قال ونفاها بعضهم إشارة إلى ما ذكره الإمام واختاره بعض الحكماء المتأخرين وهو أن العقل قاطع بامتناع
(٩)