والقيح أو تامة إما إلى حالة تصلح للتغذية كالثقل النضيج الخارج في البول في حالة الصحة مما فات القوة الغاذية أو لا كالمدة الخارجة من الأورام المنفجرة والأول وهو ما يكون خروجه طبيعيا إما أن يجمع إلى منفعة الانتقاص منفعة أخرى أو لا فالأول إما أن يكون تلك المنفعة توليد جسم متصل بالبدن من جنس الأعضاء وهو مادة الظفر أو لا وهو مادة الشعر أو غير متصل وهو مادة الولد أعني المني أو يكون غير توليد جسم آخر وحينئذ فتلك المنفعة قد تتعلق بالمني كالودي الحافظ لرطوبة المني المسهل لخروجه وقد يتعلق بالجنين حال تكونه كالطمث أو حال خروجه كالرطوبات الكائنة حالة الولادة أو بعد ذلك كاللبن وقد لا تتعلق بهما أو ذلك إما لدفع ضرر شيء يخرج من البدن كالودي الكاسر بلعابيته لحدة البول أو يدخل فيه كوسخ الأذن القاتل بمرارته لما يدخل فيها من الذباب ونحوه وإما لا لدفع ضرر شيء كاللعاب المعين على الكلام بترطيبه اللسان والثاني وهو مالا يجمع إلى منفعة الانتقاص منفعة أخرى إما أن يتكون عنه جسم آخر منفصل كمادة القمل أو غير منفصل كمادة الحصا وإما أن لا يتكون وهو إما أن لا يكون محسوسا البتة كالبخار المتحلل أو يكون محسوسا أحيانا كوسخ البدن الكائن من فضل خذائه فإنه لا يحس إلا أن يجمع أو دائما وخروجه إما أن يكون من منفذ محسوس كالمخاط أو غير محسوس كالعرق قال فتصير الأخلاط الأربعة يعني الدم والبلغم والصفراء والسوداء وذلك بحكم الاستقراء فإن الحيوان سواء كان صحيحا أو مريضا يجد دمه مخالطا لشيء كالرغوة وهو الصفراء أو لشيء كالرسوب وهو السوداء أو لشيء كبياض البيض وهو البلغم وما عدا هذه الثلاثة فهو الدم وقد يقال أن الكيلوس إذا انطبخ فإن كان معتدلا فالدم وإن كان قاصرا فالبلغم والسوداء وإن كان مفرطا فالصفراء وأيضا فإن الأخلاط تتكون من الأغذية المركبة من الأسطقسات الأربعة فبحسب غلبة قوة واحد واحد منها يوجد خلط خلط وأيضا الغذاء شبيه بالمغتذي وإن في البدن عضوا باردا يابسا كالعظم وباردا رطبا كالدماغ وحارا رطبا كالكبد وحارا يابسا كالقلب فيجب أن تكون الأخلاط كذلك ليغتذي كل عضو بما يناسبه هذا والحق أن الغازية بالحقيقة هو الدم وباقي الأخلاط كالأبازير المصلحة ولهذا كان أفضل الأخلاط وأعدلها مزاجا وقواما وألذها طعما وفسروا الخلط بأنه جسم رطب سيال يستحيل إليه الغذاء أو لا واحترز بالرطب أي سهل القبول للتشكل عند عدم مانع من خارج عن مثل العظم والغضروف وبالسيال أي ما من شأنه أن ينبسط أجزاء متسفلة بالطبع حيث لا مانع عن مثل اللحم والشحم إن قلنا بكونهما رطبين والمراد بالاستحالة التغير في الجوهر بحرارة البدن وتصرف الغاذية بقرينة التعدية بإلى إذ يقال في العرف استحال الماء إلى الهواء وقلما يقال استحال الماء الحار إلى البارد بل باردا وبه احترز عن الكيلوس الذي يستحيل إليه الغذاء أو لا في كيفيته والمراد بالغذاء ما هو المتعارف
(٥)