وركبت السفينة - مروان خليفات - الصفحة ٥٩٥
بلغ أولئك الخصوم من الفصاحة والبلاغة ومهما أوتوا حظا من اللسن والإبانة عما في النفس... وإن الباحث الذي يريد أن يدرس مجموعة ما من الحقائق في غير مصادرها الأولى ومظانها الأصيلة إنما يسلك شططا ويفعل عبثا، ليس هو من العلم في شئ " (1).
ومن العوامل التي ساعدت على تكوين هذه الصورة المشوهة عن الشيعة، هو خلط كثير من المؤرخين والكتاب، بين الجعفرية وغيرها من الفرق. فلا أدري كيف يتربع على كرسي البحث من لا يستطيع الإلمام بالأمور الأولية لبحثه؟!
يقول علي عبد الواحد وافي - من علماء أهل السنة -: " إن كثيرا من مؤلفينا، بل من كبارهم، أنفسهم قد خلط بين الشيعة الجعفرية وغيرها من فرق الشيعة، فنسب إلى الجعفرية عقائد وآراء ليست من عقائدهم ولا من آرائهم في شئ، وإنما ذهبت إليها فرق أخرى من فرق الشيعة ".
وقال في الحاشية: " تبدو هذه الظاهرة حتى في مؤلفات العلامة ابن تيمية! " (2).
أضف لما سبق عاملا آخر مهما وهو: إن الكتابات التي صدرت حديثا كلها تهاجم الشيعة، وهي تربو على مائتي كتاب. وهؤلاء الكتاب قد شرقوا وغربوا فجاءوا بكل ما كتب عن التشيع قديما ولم يقصروا هم في الدجل والكذب، قاتلهم الله أنى يؤفكون.
وتناقل الناس هذه التهم وأصبحت مع تردادها كأنها حقائق ثابتة. ومن أغرب ما سمعت أن أحد علماء السنة سأل عالما شيعيا عما إذا كان للشيعة ذيل!!
وحدثني أحد الأصدقاء من عمان قال: كنت في مطعم فأتاني شاب وقد عرف أنني شيعي فنظر إلي متعجبا وأنا آكل فقال: أنتم تأكلون مثلنا؟!!
إذا فهمنا العوامل السابقة، أستطيع أن أقول لأخي الباحث: تعال لنرى هذه الشبهات، هل هي شبهات حقا؟ أم إنها وجدت لصد الناس عن الحق؟!

1 - تقديم عقائد الإمامية: ص 14 - 15.
2 - بين الشيعة وأهل السنة: ص 11.
(٥٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 589 590 591 593 594 595 596 597 598 599 600 ... » »»