نبيلا فاضلا " (1).
ودخل العباسيون على صالح بن وصيف عندما حبس أبو محمد - الإمام العسكري - فقالوا له: ضيق عليه، فقال لهم صالح: ما أصنع به؟ فقد وكلت عليه رجلين شر من قدرت عليه، صارا من أمر العبادة والصلاة والصيام على أمر عظيم، ثم أمر بإحضار الموكلين فقال لهما: ويحكما! ما شأنكما في أمر هذا الرجل؟ فقالا: ما تقول في رجل يصوم النهار ويقوم الليل كله، لا يتكلم ولا يتشاغل بغير العبادة، وإذا نظرنا إليه أرعدت فرائصنا وداخلنا ما لا نملكه من أنفسنا (2).
ولا بأس بوقفة قصيرة نرى فيها تفسير الإمام العسكري (عليه السلام) لبعض الآيات. قال في تفسير قوله تعالى: (الذي جعل لكم الأرض فراشا) جعلها ملائمة لطبايعكم، موافقة لأجسادكم، لم يجعلها شديدة الحمى والحرارة فتحرقكم، ولا شديدة البرودة فتجمدكم، ولا شديدة اللين كالماء فتفرقكم، ولا شديدة الصلابة فتمتنع عليكم في حرثكم وأبنيتكم ودفن موتاكم، ولكنه جعل فيها من المتانة ما تنتفعون به، وتتماسكون وتتماسك عليها أبدانكم وبنيانكم، وجعل فيها من اللين ما تنقاد به لحرثكم وقبوركم وكثير من منافعكم، فلذلك جعل الأرض فراشا لكم.
ثم قال: (والسماء بناء) يعني: سقفا من فوقكم محفوظا، يدير فيها شمسها وقمرها ونجومها لمنافعكم.
ثم قال: (وأنزل من السماء ماء) يعني: المطر ينزله من علو ليبلغ قلل جبالكم وتلالكم وهضابكم وأوهادكم، ثم فرقه رذاذا ووابلا وهطلا وطلا لينشفه أرضوكم، ولم يجعل ذلك المطر نازلا عليكم قطعة واحدة، ليفسد أرضيكم وأشجاركم وزروعكم وثماركم.
ثم قال: (وأخرج به من الثمرات رزقا لكم) يعني: مما يخرجه من الأرض