وركبت السفينة - مروان خليفات - الصفحة ٥٦٥
أعراب الكوفة وقال: إني من المتمسكين بولاء جدك، وقد ركبني دين أثقلني حمله ولم أقصد لقضائه سواك، فقال: كم دينك؟ فقال: عشرة آلاف درهم فقال: طب نفسا بقضائه إن شاء الله تعالى، ثم كتب له ورقة فيها ذلك المبلغ دينا عليه، وقال له: ائتني به في المجلس العام وطالبني بها وأغلظ علي في الطلب، ففعل فاستمهله ثلاثة أيام، فبلغ ذلك المتوكل فأمر له بثلاثين ألفا، فلما وصلته أعطاها الأعرابي، فقال: يا بن رسول الله إن العشرة آلاف أقضي بها أربي فأبى أن يسترد منه من الثلاثين شيئا، فولى الأعرابي وهو يقول: الله أعلم حيث يجعل رسالته " (١).
وقال الشبلنجي: " ومناقبه (رضي الله عنه) كثيرة، ففي درر الأصداف وقع للبهلول معه أنه رآه وهو صبي يبكي والصبيان يلعبون، فظن أنه يتحسر على ما بأيديهم فقال له: اشتر لك ما تلعب به؟ فقال: يا قليل العقل ما للعب خلقنا. فقال له: فلماذا خلقنا؟ قال: للعلم والعبادة. فقال له: من أين لك ذلك؟ فقال: من قوله تعالى ﴿أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون﴾ (2).
ثم سأله أن يعظه، فوعظه بأبيات، ثم خر الحسن (رضي الله عنه) مغشيا عليه، فلما أفاق قال له: ما نزل بك وأنت صغير لا ذنب لك؟ فقال: إليك عني يا بهلول، إني رأيت والدتي توقد النار بالحطب الكبار فلا تتقد إلا بالصغار، وإني أخشى أن أكون من صغار حطب جهنم " (3).
وقال عبيد الله بن الخاقان الوزير العباسي لولده أحمد - وكان منحرفا عن أهل البيت شديد التعصب عليهم -: " يا بني: لو زالت الإمامة عن خلفائنا بني العباس، ما استحقها أحد من بني هاشم غيره - أبي محمد بن علي الهادي - لفضله وعفافه، وصيانته وزهده، وعبادته، وجميل أخلاقه وصلاحه، ولو رأيت أباه لرأيت رجلا

١ - الصواعق المحرقة: ٢ / ٥٩٨ - ٥٩٩.
٢ - المؤمنون: ١١٥.
3 - نور الأبصار: ص 183.
(٥٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 560 561 562 563 564 565 566 567 568 569 570 ... » »»