وركبت السفينة - مروان خليفات - الصفحة ٣٦٦
وروى مالك في موطأه عن نافع أن عبد الله بن عمر قال: " كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا أعجل به المسير يجمع بين المغرب والعشاء " (1).
وروى مالك عن ابن عباس انه قال: صلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الظهر والعصر جميعا، والمغرب والعشاء في غير خوف ولا سفر (2).
فهذه الروايات تدل بما لا يدع مجالا للشك فيه على أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يجمع الظهر والعصر معا والمغرب والعشاء معا بدون سبب.
وقد يقول قائل: إن فعل النبي هذا استثناء وليس تشريعا، نقول: إن هذا الكلام لا دليل عليه وحبر الأمة ابن عباس أوضح الحكمة من الجمع، فقد أخرج مسلم عن ابن عباس قال: جمع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء بالمدينة في غير خوف ولا مطر قال: قلت لابن عباس: لم فعل ذلك قال: كي لا يحرج أمته " (3) وفي رواية قال: " لئلا يكون على أمته حرج " (4). فعبارة ابن عباس هذه تدل على سبب الجمع وهو الترخيص للعباد ورفع الحرج عنهم. ولا يقال إن هناك سببا خفي على ابن عباس، ولو كان لعلمه فهو أعرف منا بالرسول. وهل نترك اليقين ونأخذ بالظن؟!
وفي رواية عن ابن مسعود أوضح النبي الحكمة من الجمع حيث قال (صلى الله عليه وآله وسلم):
" صنعت هذا - أي الجمع - لئلا تحرج أمتي " (5). وقد يقال إن هذا الحكم منسوخ. قلنا لا يوجد دليل على النسخ ولو وجد الناسخ لما جمع ابن عباس والسلف الصالح.
روى مسلم في صحيحه قال: خطبنا ابن عباس يوما بعد العصر حتى غربت

١ - ١ / ٢٦٠ وما بعدها من شرح الموطأ للزرقاني.
٢ - ١ / ٢٦٠ وما بعدها من شرح الموطأ للزرقاني..
٣ - صحيح مسلم: كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الجمع بين الصلاتين في الحضر.
4 - سنن النسائي بشرح الحافظ جلال الدين السيوطي وحاشية الإمام السندي: 1 / 290، وقال السيوطي في شرحه للحديث: " قوله (لئلا يكون على أمته حرج) أي لئلا يتحرج من يفعل ذلك من أمته ".
5 - شرح الموطأ، الزرقاني: 1 / 263، ورواه الطبراني، وهذه العلة مروية عن معاذ بن جبل.
(٣٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 361 362 363 364 365 366 367 368 369 370 371 ... » »»