فالرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) قرن كون روح القدس مع حسان بشرط إدامة المنافحة عن رسول الله، ولو كانت الصحبة منزلة تعصم صاحبها لما قيد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كلامه.
سأل الصحابة النبي فقالوا: يا رسول الله أنؤاخذ بما عملنا في الجاهلية قال (صلى الله عليه وآله وسلم):
" أما من أحسن منكم في الإسلام فلا يؤاخذ بها، ومن أساء، أخذ بعمله في الجاهلية والإسلام " (١).
وعاد (صلى الله عليه وآله وسلم) كعبا في مرضه فقالت أم كعب: هنيئا لك الجنة يا كعب، فقال (صلى الله عليه وآله وسلم):
" وما يدريك يا أم كعب! لعل كعبا قال ما لا يعنيه، ومنع ما لا يعنيه " (٢).
نعم، هذا هو ميزان الإسلام، أما أن نقول: اجتهد وله أجر، بالرغم من الجرائم التي ارتكبها فهذه المسألة فيها نظر.
لقد خلق الله الإنسان واختبره في هذه الدنيا. وجعل الدنيا دار ابتلاء قال تعالى:
﴿إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عملا﴾ (3) ونحن إذا قلنا إن كل صحابة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في الجنة، وإذا باركنا لهم أعمالهم الخاطئة، وجعلنا لهم أجرا عليها، فقد خرجنا عن قانون الله وسنته في خلقه. فالصحابة يوزنون بتقواهم وليس بصحبتهم!
قال تعالى: (إن أكرمكم عند الله أتقاكم) ولم يقل أصحبكم.
والعاقبة بحسنها وسوئها هي التي تحدد مصير الإنسان وليس الصحبة ولا الصداقة ولا البنوة... فالأعمال بخواتيمها.
إن الصحابة أناس عاديون، ومنزلة أحدهم تكون باحترام صحبته للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأداء حقها. فالمفترض بنا إذا حاكمنا أعمالهم أن نطبق هذه الموازين الإلهية، لأنهم ليسوا أفضل من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) الذي خضع لهذه الموازين.