ولو أردنا أن نستوعب هنا تسجيل المنكرات والرزايا التي حدثت في القرن الأول، لاحتجنا في ذلك إلى تأليف مجلدات، ولكننا نوجز بعضها.
بعد وفاة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ارتد قسم كبير من الصحابة، وقتل مالك بن نويرة وقومه المسلمون، وفي هذا القرن تم اغتيال عمر بن الخطاب، وقامت فتنة بين عثمان والصحابة أدت إلى قتله بأيديهم. وما أن قام علي (عليه السلام) بالأمر حتى نكثت طائفة ومرقت أخرى وقسط آخرون. فقتل في حرب الجمل ثلاثون ألف نفس - في خير القرون -! وقتل في صفين مائة ألف - في خير القرون -! ثم كانت النهروان فقتل الآلاف فيها - في خير القرون -! وكل هذه الحروب بين أهل القرن المشهود لهم بالخيرية!! وفي هذا القرن قتل علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وسم ابنه الحسن (صلى الله عليه وآله وسلم)، وقتل الكثير من الصحابة الأجلاء (1) على يد معاوية. وكل هذا الشر المتدفق، كان في خير القرون!!
وفي خير القرون كانت المصيبة العظمى، ألا وهي قتل الحسين (عليه السلام) وأهل بيته في كربلاء، حتى أن الرضع حصلوا على نصيب من هذه الخيرية المزعومة!! فكان نصيب رضيع الحسين سهما في نحره. بعد ذلك يحمل رأس الحسين على رمح من كربلاء إلى الشام.
" ذكر غير واحد انهم لما ساروا بالرأس الشريف إلى يزيد بن معاوية، نزلوا في الطريق بدير ليقيلوا به، فوجدوا مكتوبا على بعض جدرانه:
أترجو أمة قتلت حسينا * شفاعة جده يوم الحساب وفي الخطط للمقريزي ما نصه: لما قتل الحسين بكت السماء وبكاؤها حمرتها " (2).
وتقاد نساء بيت النبوة وموضع الرسالة، أسارى. وكأن ما جرى لأهل بيت النبوة هو أجر الرسالة (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) (3)!