ثالثا: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (لتتبعن سنن من قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع، حتى لو سلكوا جحر ضب لسلكتموه)، قلنا: يا رسول الله، اليهود والنصارى؟ قال:
فمن؟ " (1).
يؤكد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في هذا الحديث على أن كثيرا من الصحابة - وهم الموجه لهم الخطاب قبل غيرهم - سيتبعون سنن اليهود والنصارى. وإحداث أهل الكتاب بعد أنبيائهم (عليهم السلام) يعرفه القاصي والداني. فالصحابة - مما نستنتجه من قول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) - سيحدثون أمورا كبني إسرائيل. وإن لم يحدثوا مثلهم لكان كلام النبي كذبا - والعياذ بالله - فهم إذن، مثل اليهود والنصارى، قد أحدثوا أشياء استحقوا بها دخول النار.
رابعا: إذا قلنا: إن المقصود بحديث الحوض هم المرتدون، فهذا أسوأ، إذ كيف يرتد الصحابي الذي شاهد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وتبرك برؤيته فتطهر قلبه وعدله الله في القرآن؟!
فإذا جاز ارتداد الصحابي بعد صحبته للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فلا عبرة بالصحبة ولا قيمة لها (2)!!
فأحاديث الحوض هذه، تنقض نظرية عدالة جميع الصحابة دون شك، لأن العادل لا يدخل النار!
الصحابة يتنزهون عن فعل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)!!
قالت عائشة: صنع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) شيئا فرخص فيه: فتنزه عنه قوم، فبلغ ذلك النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فخطب فحمد الله، ثم قال: " ما بال أقوام يتنزهون عن الشئ أصنعه؟!
فوالله إني لأعلمهم بالله، وأشدهم له خشية " (3).