وركبت السفينة - مروان خليفات - الصفحة ٢٥٥
وأخرج البخاري عن أبي سعيد الخدري " قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يخرج يوم الفطر والأضحى إلى المصلى، فأول شئ يبدأ به الصلاة، ثم بعد ذلك يعظ الناس، فلم يزل الناس على ذلك، حتى خرجت مع مروان وهو أمير المدينة في أضحى أو فطر، فأراد أن يرتقي المنبر قبل أن يصلي، فجذبت بثوبه، فجذبني فارتفع، فخطب قبل الصلاة.
فقلت له: غيرتم والله، فقال: يا أبا سعيد قد ذهب ما تعلم... " (1).
ومن حديث لجابر بن عبد الله (رضي الله عنه): " ما منا أحد إلا غير " (2).
وقال أعين ابن امرأة الفرزدق لعثمان: " يا نعثل بدلت " (3).
كل هذه النصوص تؤكد على أن الذين أحدثوا، هم من صحابة رسول الله من غير المنافقين والمرتدين. ففي حديث الحوض يقال للنبي: (انك لا تدري ما أحدثوا بعدك)، والبراء يقول: إنك لا تدري ما أحدثناه (4) بعده، وعائشة تقول: إني قد أحدثت بعده، وقال أبو سعيد الخدري غيرتم والله، والرسول نفسه لم يشهد لأبي بكر ومن قاتل في أحد ويقول: (ولكن لا أدري ما تحدثون بعدي)!
وهذا أنس يقول: ما أعرف شيئا مما كان على عهد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وقوله هذا يدل على أن كل شئ تغير وبدل، وحتى الصلاة ضيعت!!
وهذا أبو الدرداء يقول: والله ما أعرف من أمة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) شيئا إلا أنهم يصلون جميعا. وهو أصرح قول في أن أهل القرون الأولى تركوا من السنة أشياء كثيرة، وأحدثوا بدلا منها بدعا. وجابر يقول: ما منا أحد إلا غير...

١ - المصدر السابق: ج ٢ - باب الخروج إلى المصلى بغير منبر.
٢ - مستدرك الحاكم: ٣ / ٥٦٠.
٣ - مجمع الزوائد: ٧ / 463.
4 - إن البراء يتكلم عن الإحداث بعد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بتعبير الجمع " أحدثناه " فشمل قوله هذا إخوانه من الصحابة " العدول "..
(٢٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 250 251 252 253 254 255 256 257 258 259 261 ... » »»