ولما فرغ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من كتابة الصلح، قال لأصحابه: " قوموا فانحروا ثم احلقوا "، فوالله ما قام منهم رجل، حتى قال ذلك ثلاث مرات، فلما لم يقم منهم أحد، دخل خباه ثم خرج فلم يكلم أحدا منهم بشئ حتى نحر بدنة بيده، ودعا حالقه فحلق رأسه، فلما رأى أصحابه ذلك قاموا فنحروا وجعل بعضهم يحلق بعضا، حتى كاد بعضهم يقتل بعضا " (1).
قال ابن حزم في معرض كلامه عن آراء الصحابة الخاطئة: " وأعظم من هذا كله، تأخر أهل الحديبية عن الحلق والنحر والإحلال، إذ أمرهم بذلك (صلى الله عليه وآله وسلم) حتى غضب وشكاهم إلى أم سلمة أم المؤمنين " (2).
في هذه الحادثة لم يلتزم الصحابة بأوامر الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) على الرغم من تأكيده عليها ثلاث مرات، وعمر يعترض على أوامر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) هذه ويخاطبه بأسلوب ما سبقه إليه أحد من المسلمين!
وهنا يأتي تبرير علماء أهل السنة لموقف عمر في قولهم: إن عمر فعل هذا من باب غيرته وحرصه على الإسلام!! ومعنى هذا إن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يكن غيورا على الإسلام ولا حريصا عليه، أو أن عمر كان أكثر حرصا منه على الإسلام!!
وليت أهل السنة يقولون لنا: لماذا لم يغر عمر على الإسلام حين هرب في أحد وحنين وفي خيبر، رجع يجبن أصحابه ويجبنونه (3)؟! ولماذا لم يغر على الإسلام عندما أمره النبي بالمسير تحت لواء أسامة فعصاه وعاد إلى المدينة؟! ولماذا لم يغر على الإسلام يوم الخميس فيلبي طلب النبي؟!...