هوية التشيع - الدكتور الشيخ أحمد الوائلي - الصفحة ٥٤
الإسلامية وخصوصا في الفترة الأولى من العهود الإسلامية والتي شكلت مضامين العقيدة فيها جدولا انصب فيه أكثر من رافد ورافد عن طريق الأمم التي اعتنقت الإسلام جماعات منها ودخلت وهي تحمل أفكارها وعقائدها التي لم تتخلص منها وظهرت في الأفكار والسلوك كجماعات الروم والفرس والصينيين والعبريين ولعل اليهود أكثر الجماعات تأثيرا في الحضارة الإسلامية حيث تبدو روحهم واضحة في هذه الميادين. وذلك لأنهم استأثروا بالتفسير وبالقصص الديني لأنهم أهل كتاب وفيهم كثير من الأحبار الذين يحفظون أحكام التوراة وقصص الأمم التي حفظتها الحضارة العبرية والأساطير التي رافقت تلك القصص، ولما كانت الجزيرة العربية فقيرة إلى الأفكار الدينية والمضامين الثقافية لعب الفكر اليهودي دورا هاما في ملء هذا الفراغ وخصوصا في الفكر السني الذي حاول أن يتخلص من هذا الرداء ويخلعه على الشيعة عن طريق الشخصية الوهمية عبد الله بن سبأ كما سنبرهن لك على وهمية هذه الشخصية قريبا. ولكن حقائق الأمور والبحث الدقيق يثبت عكس ما ادعاه هؤلاء القوم وما نسبوه للشيعة.
أجل إن آراء اليهود انتقلت إلى الفكر الإسلامي عن طريق كعب الأحبار ووهب بن منبه وعبد الله بن سلام وغيرهم وأخذت مكانها في كتب التفسير والحديث والتاريخ وتركت بصماتها على كثير من بنود الشريعة. إن بوسع أي باحث الوقوف على ذلك في كتب كثيرة مثل تاريخ الطبري، وتفسيره جامع البيان، وفي كتاب البخاري وغيره من المؤلفات مما سنشير إلى مصادره عند ذكره. وستجد فصلا ممتعا في تعليل العداوة بين الإنسان والحية يذكره الطبري في تفسير بسنده عن وهب بن منبه وذلك عند تفسيره للآية السادسة والثلاثين من سورة البقرة وهي قوله تعالى: * (قلنا اهبطوا منها بعضكم لبعض عدو) * الخ، يقول الطبري وأحسب أن الحرب التي بيننا - أي نحن والحيات - كان أصله ما ذكره علماؤنا الذين قدمنا الرواية عنهم في إدخالهن - يعني الحيات - إبليس الجنة بعد أن أخرجه الله منها، ويستمر في سرد أفكار عجيبة يستحسن أن يقرأها من
(٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 ... » »»