منهج الأشاعرة فى العقيدة - الشيخ الدكتور سفر بن عبد الرحمن الحوالي - الصفحة ٢٣
لا فاعل عندهم إلا الله مطلقا حتى أن أحد نحاة الأندلس من دولة الموحدين التومرتية الأشعرية هدم (نظرية العامل) عند النحاة مدعيا أن الفاعل هو الله.
ومن قال عندهم أن النار تحرق بقوة أودعها الله فيها فهو مبتدع ضال، قالوا: إن فاعل الإحراق هو الله ولكن فعله يقع مقترنا بشئ ظاهري مخلوق ، فلا ارتباط عندهم بين سبب ومسبب أصلا وإنما المسألة اقتران كاقتران الزميلين من الأصدقاء في ذهابهما وإيابهما.
ومن متونهم في العقيدة:
والفعل في التأثير ليس إلا للواحد القهار جل وعلا ومن يقل بالطبع أو بالعلة فذاك كفر عند أهل الملة ومن يقل بالقوة المودعة فذاك بدعي فلا تلتفت والغريب أن هذا هو مذهب ما يسمى المدرسة الوضعية من المفكرين الغربيين المحدثين ومن وافقهم من ملاحدة العرب، وما ذاك إلا لأن الأشاعرة والوضعيين كلاهما ناقل عن الفكر الفلسفي الإغريقي.
الثامن: الحكمة الغائبة:
ينفي الأشاعرة قطعا أن يكون لشئ من أفعال الله تعالى علة مشتملة على حكمة تقضي إيجاد ذلك الفعل أو عدمه، وهذا نص كلامهم تقريبا، وهو رد فعل لقول المعتزلة بالوجوب على الله حتى أنكر الأشاعرة كل لام تعليل في القرآن وقالوا إن كونه يفعل شيئا لعلة ينافي كونه مختارا مريدا، وهذا الأصل تسميه بعض كتبهم (نفي الغرض عن الله) ويعتبرونه من لوازم التنزيه، وجعلوا أفعاله تعالى كلها راجعة إلى محض المشيئة ولا تعليق لصفة أخرى ج كالحكمة مثلا ج بها، ورتبوا على هذا أصولا فاسدة كقولهم بجواز أن يخلد الله في النار أخلص أوليائه ويخلد في الجنة أفجر الكفار، وجواز
(٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 ... » »»