منهج الأشاعرة فى العقيدة - الشيخ الدكتور سفر بن عبد الرحمن الحوالي - الصفحة ١٢
حجر من الأشاعرة:
من المعلوم أن إمام الأشعرية المتأخر الذي ضبط المذهب وقعد أصوله هو الفخر الرازي (ت 606 ه‍) ثم خلفه الآمدي (631 ه‍) والآرموي (682 ه‍ ) فنشرا فكره في الشام ومصر واستوفيا بعض القضايا في المذهب (وفكر هؤلاء الثلاثة هو الذي كان الموضوع الرئيسي في كتاب درء التعارض) وأعقبهم الأيجي صاحب المواقف (الذي كان معاصرا لشيخ الاسلام ابن تيمية) فألف (المواقف) الذي هو تقنين وتنظيم لفكر الرازي ومدرسته وهذا الكتاب هو عمدة المذهب قديما وحديثا.
وقد ترجم الحافظ الذهبي ج رحمه الله ج في الميزان وغيره للرازي والآمدي بما هم أهله، ثم جاء السبكي ج ذلك الأشعري المتعصب ج فتعقبه وعنف عليه ظلما، ثم جاء ابن حجر ج رحمه الله ج فألف لسان الميزان فترجم لها بطبيعة الحال ج ناقلا كلام ابن السبكي ونقده للذهبي ج ولم يكن يخاف عليه مكانتهما وإمامتهما في المذهب كما ذكر طرفا من شنائع الآرموي ضمن ترجمة الرازي.
فإذا كان موقف ابن حجر لأن موقفه هو الذي يحدد انتماءه لفكر هؤلاء القوم أو عدمه؟ إن الذي يقرأ ترجمتيهما في اللسان لا يمكن أن يقول إن ابن حجر على مذهبهما أبدا، كيف وقد أورد نقولا كثيرة موثقة عن ضلالهما وشنائعهما التي لا يقرها أي مسلم فضلا عمن هو في علم الحافظ وفضيلته؟
على أنه قال في آخر ترجمة الرازي: (أوصى بوصية تدل على أنه حسن اعتقاده).
وهذه العبارة التي قد يفهم منها أنها متعاطفة مع الرازي ضد مهاجميه هي شاهد لما نقول نحن هنا، فإن وصية الرازي التي نقلها ابن السبكي نفسه صريحة في رجوعه إلى مذهب
(١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 ... » »»