ولا يرقى إلي الطير، فسدلت دونها ثوبا وطويت عنها كشحا، وطفقت أرتئي بين أن أصول بيد جذاء، أو أصبر على طخية عمياء، يهرم فيها الكبير ويشيب فيها الصغير، ويكدح فيها مؤمن حتى يلقى ربه، فرأيت أن الصبر على هاتا أحجى، فصبرت وفي العين قذى، وفي الحلق شجى، أرى تراثي نهبا، حتى مضى الأول لسبيله فأدلى بها إلى فلان بعده (ثم تمثل بقول الأعشى):
شتان ما يومي على كورها * ويوم حيان أخي جابر فيا عجبا بينا هو يستقيلها في حياته إذ عقدها لآخر بعد وفاته، لشد ما تشاطرا ضرعيها، فصيرها في حوزة خشناء يغلظ كلامها ويخشن مسها، ويكثر العثار فيها، والاعتذار منها، فصاحبها كراكب الصعبة إن أشنق لها خرم، وإن أسلس لها تقحم، فمني الناس لعمر الله بخبط وشماس وتلون واعتراض.
فصبرت على المدة وشدة المحنة، حتى إذا مضى لسبيله، جعلها في جماعة زعم أني أحدهم، فيا لله