على صدق مقالته وجواز عدالته "، وبما أن منشأ النبوة حكمة الحكيم على الإطلاق، وثمرتها الحكمة أيضا {قال قد جئتكم بالحكمة} (1)، {أدع إلى سبيل ربك بالحكمة} (2) فقد اهتم (عليه السلام) بامتياز حكمة الأنبياء النظرية والعملية عن الحكمة البشرية الناتجة عن الفكر الإنساني، وأن حكمتهم بما أنها تعبير عنه تعالى، بمقتضى قوله (عليه السلام): (ويعبرون عنه) وأنها (من عند الحكيم العليم) فهي صافية من كدورة الأوهام، وأن النبي سراج منير لم يتخذ نور علمه من التعليم والتربية البشرية، بل بارتباطه بنور السماوات والأرض {يكاد زيتها يضئ ولو لم تمسسه نار} (3).
* قال (عليه السلام): " حكماء مؤدبين بالحكمة "، ثم بعد فصل قليل قال: " مؤيدين من عند الحكيم العليم بالحكمة " ليبين (عليه السلام) أن حكمة الأنبياء - حدوثا وبقاء - من عند العليم الذي أحاط بكل شئ والحكيم الذي أتقن صنع كل شئ، وأنها تمتاز عن الفكر البشري امتياز ما عند الله تعالى على ما عند الناس.
* ويظهر من جملة " وكان ذلك الصانع حكيما " ومن وصف الأنبياء بأنهم " حكماء مؤدبين بالحكمة مبعوثين بها " أن العلة الفاعلية والعلة الغائية للنبوة هي الحكمة، والحد الوسط بين المبدأ والمنتهى أيضا هي الحكمة {يسبح لله ما في السماوات وما في الأرض الملك القدوس العزيز الحكيم * هو الذي بعث في الأمين رسولا منهم يتلوا عليهم