مقدمة في أصول الدين - الشيخ وحيد الخراساني - الصفحة ٧٣
والذين اعتزلوا عبادة الأصنام والأجرام السماوية، كانوا ينتحلون المجوسية والثنوية، واليهودية القائلة بأن عزيرا ابن الله، والنصرانية القائلة بأن الله ثالث ثلاثة.
ومن جهة أخرى، كان أكاسرة إيران وقياصرة الروم مشغولين في استعمار الأمم الضعيفة واستثمارها، أو بالحروب والقتال.
في مثل هذه الظروف التي كانت العقول محجوبة بالأوهام، والقلوب قاسية بالأهواء، ولا يحكم في البلاد إلا من يفسد في الأرض أو يسفك الدماء، بعث النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، ورفع علم الإيمان بالغيب والتوحيد، ودعا العالم إلى عبودية الله تعالى، وإلى كسر قيود الكفر والظلم، ودعا ملوك الأرض الطغاة المتجبرين من كسرى إيران وإمبراطور الروم، إلى ملوك الغساسنة في الشام، وملوك حمير في اليمن، وغيرهم من الأمراء والسلاطين الكبار والصغار، إلى قبول الإسلام وإطاعة أوامر الله تعالى، والخضوع للحق والعدل.
لقد رفض ثنوية المجوس، وتثليث النصارى، وافتراءات اليهود على الله والأنبياء، وعادات الجاهلية الوثنية الموروثة عن الآباء والأجداد، الراسخة في أعماق وجود الناس في جزيرة العرب!
لقد وقف (صلى الله عليه وآله وسلم) وحيدا أمام كل دول العالم، وأممه، وأمرائهم وعلمائهم، وخطأ عقائدهم، وتحداهم بالمعجزات التي جعلها الله دليلا على نبوته.
وكان أبرزها معجزة القرآن الذي تحدى به قدرات الملوك والسلاطين وعباد الأصنام، وأحبار اليهود، وقساوسة النصارى! {و إن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فاتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين} (1).

(٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 67 68 70 71 72 73 74 75 76 77 78 ... » »»