مقدمة في أصول الدين - الشيخ وحيد الخراساني - الصفحة ٥٦
أودعها في الموجود فقد هيأ لها عوامل الوصول إلى مرحلة فعليتها، لأن إفاضة قوة لا تتحول إلى الفعل أصلا، وطلب لا يصل إلى المطلوب، لغو وعبث، تعالى الله عنهما.
فأنت ترى أن العلم والقدرة المطلقة، عندما أعطى قوة الإثمار للحبة، خلق لها الماء والتراب والهواء، وجعل لها فيها عوامل وصولها إلى هدفها!
وعندما أعطى نطفة الإنسان قوة التحول إلى أعضاء وجوارح، خلق لها الرحم وعوامل فعليتها فيه!
فكيف يمكن أن يخلق الله بذرة عقل الإنسان، ويودع فيها قوة الوصول إلى ثمرة العلم والعمل، ويخلق روح الإنسان اللطيفة ويودع فيها استعداد الوصول إلى الكمال العلمي والخلقي والعملي، إلى أن يصل إلى معرفة الله بالله، ثم لا يهئ للعقل عوامل بلوغه إلى ثمره، والشرائط التي توجب فعلية استعداد النفس الإنسانية لأعلى مراتب الكمالات العلمية والعملية، ووصول الروح إلى أوج فعليتها؟!
وكيف يمكن أن لا يهدي الإنسان إلى الغرض المقصود من خلقته؟!
فهل يمكن أن يخصص قانون {اعطى كل شئ خلقه ثم هدى} (1) ويستثنى منه خلق الإنسان؟!
كلا، ولهذا كانت ضرورة الهداية الإلهية لإيصال الإنسان إلى الهدف من خلقه واضحة {ونفس وما سواها * فألهمها فجورها وتقواها} (2).

(٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 49 50 52 54 55 56 57 58 59 60 61 ... » »»