مقدمة في أصول الدين - الشيخ وحيد الخراساني - الصفحة ٤٩١
أصحابي خمس مالك؟ وكنت الرجل الوقور الذي لا يخاف شيئا فأرعدت [منه] وتهيبته، وقلت له: أفعل يا سيدي ما تأمر به.
فقال: إذا مضيت إلى الموضع الذي أنت متوجه إليه، فدخلته عفوا وكسبت ما كسبته، تحمل خمسه إلى مستحقه. فقلت: السمع والطاعة.
فقال: إمض راشدا، ولوى عنان دابته وانصرف فلم أدر أي طريق سلك، وطلبته يمينا وشمالا فخفي علي أمره، وازددت رعبا وانكفأت راجعا إلى عسكري وتناسيت الحديث.
فلما بلغت قم وعندي أني أريد محاربة القوم، خرج إلي أهلها وقالوا: كنا نحارب من يجيئنا بخلافهم لنا فأما إذا وافيت أنت فلا خلاف بيننا وبينك، ادخل البلدة فدبرها كما ترى.
فأقمت فيها زمانا، وكسبت أموالا زائدة على ما كنت أقدر، ثم وشا القواد بي إلى السلطان، وحسدت على طول مقامي، وكثرة ما اكتسبت، فعزلت ورجعت إلى بغداد، فابتدأت بدار السلطان وسلمت عليه، وأتيت إلى منزلي، وجاءني فيمن جاءني محمد بن عثمان العمري، فتخطى الناس حتى اتكأ على تكأتي، فاغتظت من ذلك، ولم يزل قاعدا ما يبرح، والناس داخلون وخارجون، وأنا أزداد غيظا.
فلما تصرم [الناس، وخلا] المجلس، دنا إلي وقال: بيني وبينك سر فاسمعه، فقلت: قل. فقال: صاحب الشهباء والنهر يقول: قد وفينا بما وعدنا.
فذكرت الحديث وارتعت من ذلك، وقلت: السمع والطاعة. فقمت فأخذت بيده، ففتحت الخزائن، فلم يزل يخمسها، إلى أن خمس شيئا كنت قد أنسيته مما كنت قد جمعته، وانصرف، ولم أشك بعد ذلك، وتحققت الأمر.
(٤٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 486 487 488 489 490 491 492 493 494 495 496 ... » »»