وذلك أن الغرض الإلهي من بعثة خاتم الأنبياء (صلى الله عليه وآله وسلم)، غرض ممتد في الأجيال، ولا يتحقق إلا بوجود معلم عالم بما في القرآن، منزه عن الخطأ والهوى، متخلق بأعلى صفات الكمال المقصودة بقوله (صلى الله عليه وآله وسلم): (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق) (1)، فبذلك وحده يتحقق الكمال العلمي والعملي للبشر، الذي هو الغرض من خلق الإنسان {إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه} (2).
وبالجملة، فإن القرآن كتاب أنزل لإخراج جميع أفراد البشر من الظلمات الفكرية والأخلاقية والعملية إلى عالم النور {كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور} (3) {هو الذي ينزل على عبده آيات بينات ليخرجكم من الظلمات إلى النور} (4)، ولا يمكن أن يتحقق هذا الغرض إلا بواسطة إنسان عصمه الله من الأخطاء والأهواء، وإلا فمن هو في الظلمات ليس بخارج منها كيف يكون مخرجا عنها.
ولولا وجود هذا الإنسان لما تيسر تعلم الكتاب والحكمة، والقيام بالقسط في الأمة، بل يتحول القرآن الذي أنزله الله من أجل رفع اختلاف الناس إلى سبب لاختلافهم ومادة لنزاعهم، بسبب أهوائهم وأفكارهم الخاطئة!.
كيف يتعقل الإنسان أن الله الذي لم يترك دور الحاجب في جمال الوجه حتى أتقنه، مراعيا قاعدته في خلق الإنسان في أحسن تقويم، ينزل كتابا لغرض تصوير سيرة الإنسان في أحسن تقويم، ثم يبطل غرضه من تنزيله ومن إرسال