الذي كتبه المأمون بخط يده وبين سطوره وفي ظهره بخط الإمام ما هو مسطور، فقبلت مواقع أقلامه وسرحت طرفي رياض كلامه، وعددت الوقوف عليه من منن الله وأنعامه... (1).
ويظهر من الكتاب شدة الأمر على الإمام (عليه السلام)، ولكنه أظهر ما يمكن إظهاره بأول كلامه وآخر كلامه فكتب:
(بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله الفعال لما يشاء، لا معقب لحكمه، ولا راد لقضائه، يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور...) (2).
فبين أن ما يشاء الله كائن لا ما يشاؤون، لا يعقب حكمه بما يحكمون، ولا يرد قضائه بما يريدون، وأشار إلى الأعين الخائنة وما تخفي الصدور من طرح ولاية العهد إلى نهاية الأمر.
وأبطل كل ما احتاله المأمون بما كتب في آخر كتابه: (والجامعة والجفر يدلان على ضد ذلك، وما أدري ما يفعل بي ولا بكم، إن الحكم إلا لله يقضي بالحق وهو خير الفاصلين) (3).
وبعدما بين بالجامعة والجفر ما لا يعلمه إلا عالم الغيب الذي لا يظهر غيبه إلا لمن ارتضى، أشار إلى الظلم الذي جرى عليه، وأحال إحقاق الحق إلى محكمة يكون القاضي فيها هو الله.
وقد توسل المأمون بكل وسيلة لحط مقامه (عليه السلام) وإطفاء أنوار فضائله، ويأبى الله إلا أن يتم نوره، فعن الحسن بن الجهم، قال: حضرت مجلس المأمون يوما وعنده علي بن موسى الرضا (عليه السلام)، وقد اجتمع الفقهاء، وأهل الكلام من الفرق