مقدمة في أصول الدين - الشيخ وحيد الخراساني - الصفحة ٤٢٥
والصبيان واجتمع القواد على باب الرضا (عليه السلام)، فلما طلعت الشمس قام الرضا (عليه السلام)، فاغتسل وتعمم بعمامة بيضاء من قطن وألقى طرفا منها على صدره وطرفا بين كتفه وتشمر، ثم قال لجميع مواليه: افعلوا مثل ما فعلت، ثم أخذ بيده عكازة وخرج ونحن بين يديه وهو حاف قد شمر سراويله إلى نصف الساق، وعليه ثياب مشمرة، فلما قام ومشينا بين يديه رفع رأسه إلى السماء وكبر أربع تكبيرات، فخيل إلينا أن الهواء والحيطان تجاوبه، والقواد والناس على الباب قد تزينوا ولبسوا السلاح وتهيؤوا بأحسن هيئة، فلما طلعنا عليهم بهذه الصورة حفاة قد تشمرنا وطلع الرضا (عليه السلام) وقف وقفة على الباب قال: الله أكبر الله أكبر الله أكبر على ما هدانا الله أكبر على ما رزقنا من بهيمة الأنعام والحمد لله على ما أبلانا، ورفع بذلك صوته ورفعنا أصواتنا فتزعزعت مرو من البكاء والصياح، فقالها ثلاث مرات، فسقط القواد عن دوابهم ورموا بخفافهم لما نظروا إلى أبي الحسن (عليه السلام) وصارت مرو ضجة واحدة ولم يتمالك الناس من البكاء والضجيج، وكان أبو الحسن (عليه السلام) يمشي ويقف في كل عشر خطوات وقفة، فكبر الله أربع مرات فتخيل إلينا أن السماء والأرض والحيطان تجاوبه، وبلغ المأمون ذلك، فقال له الفضل بن سهل ذو الرياستين:
يا أمير المؤمنين إن بلغ الرضا المصلى على هذا السبيل افتتن به الناس، فالرأي أن تسأله أن يرجع فبعث إليه المأمون، فسأله الرجوع، فدعا أبو الحسن (عليه السلام) بخفه فلبسه ورجع (1).
وقد تحقق أنه (عليه السلام) لم يقبل ولاية العهد، بل رده.
قال علي بن عيسى الثقة عند الفريقين في كشف الغمة:
وفي سنة سبعين وستمائة وصل من مشهده الشريف أحد قوامه ومعه العهد

(1) عيون أخبار الرضا (عليه السلام) ج 2 ص 150 باب 40 ح 21.
(٤٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 420 421 422 423 424 425 426 427 428 429 430 ... » »»