مقدمة في أصول الدين - الشيخ وحيد الخراساني - الصفحة ٤٢٨
الناس، ومستمدا من العليم الذي لا نفاد لكلماته، وباستغراقه في طاعة الله واتباع إرادته لإرادة الله تكون إرادته نافذة، وقدرته قاهرة بإذن الله.
فدلالة الإمام هي العلم واستجابة الدعوة، وهذان الأمران يثبتان مقام الإنسان الكامل في العقل والإرادة الذي هو مربي نوع الإنسان، وعندما ادعى (عليه السلام) الإمامة وقال في الملأ العام إن دلالتها العلم واستجابة الدعوة، وقد كانت السلطة الحاكمة وحواشيها مترصدين لإبطال دعواه ومع ذلك سكتوا عن مطالبته بإقامة الدليل على مدعاه فإن سكوتهم أقوى شاهد على عجزهم عن معارضته واعترافهم بأنه العالم الذي عنده جواب كل مسألة وأنه الوجيه عند الله الذي لا ترد له كل طلبة.
ولما كانت سنة الله على إتمام حجته وإعلاء كلمته أظهر علمه واستجابة دعائه باستدعاء من المأمون، وكذلك يتم الله نوره فيسخر المأمون الذي أراد اطفاء نور الإمام (عليه السلام) ليجمع علماء الأمم وعظماء الملل لمناظرته:
لما قدم علي بن موسى الرضا (عليه السلام) إلى المأمون أمر الفضل بن سهل أن يجمع له أصحاب المقالات مثل الجاثليق، ورأس الجالوت، ورؤساء الصابئين، والهربذ الأكبر، وأصحاب زردهشت، وقسطاس الرومي، والمتكلمين يسمع كلامه وكلامهم، فجمعهم الفضل بن سهل، ثم أعلم المأمون باجتماعهم، فقال: أدخلهم علي، ففعل، فرحب بهم المأمون، ثم قال لهم: إني إنما جمعتكم لخير، وأحببت أن تناظروا ابن عمي هذا المدني القادم علي، فإذا كان بكرة فاغدوا علي ولا يتخلف منكم أحد، فقالوا: السمع والطاعة يا أمير المؤمنين نحن مبكرون إن شاء الله.
قال الحسن بن محمد النوفلي: فبينا نحن في حديث لنا عند أبي الحسن الرضا (عليه السلام) إذ دخل علينا ياسر الخادم وكان يتولى أمر أبي الحسن (عليه السلام) فقال:
(٤٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 423 424 425 426 427 428 429 430 431 432 433 ... » »»