المعروف في التوراة بالباقر، فإذا لقيته فاقرأه مني السلام، فدخل جابر إلى علي بن الحسين (عليهما السلام) فوجد محمد بن علي (عليهما السلام) عنده غلاما، فقال له: يا غلام أقبل، فأقبل، ثم قال: أدبر، فأدبر، فقال جابر: شمائل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ورب الكعبة، ثم أقبل علي بن الحسين، فقال له: من هذا؟ قال: هذا ابني وصاحب الأمر بعدي، محمد الباقر، فقام جابر فوقع على قدميه يقبلهما، ويقول: نفسي لنفسك الفداء يا بن رسول الله، اقبل سلام أبيك، إن رسول الله يقرأ عليك السلام، قال: فدمعت عينا أبي جعفر (عليه السلام)، ثم قال: يا جابر، على أبي رسول الله السلام ما دامت السماوات والأرض، وعليك السلام يا جابر بما بلغت (1).
قدم وفد من فلسطين على الباقر (عليه السلام)، فسألوه عن مسائل، فأجابهم، ثم سألوه عن الصمد، فقال: تفسير الصمد فيه خمسة أحرف، فالألف دليل على إنيته، وهو قوله:
شهد الله أنه لا إله إلا هو، وذلك تنبيه وإشارة إلى الغائب عن درك الحواس، واللام دليل على إلهيته بأنه هو الله، والألف واللام مدغمان لا يظهران على اللسان ولا يقعان في السمع، ويظهران في الكتابة دليلان على أن إلهيته خافية لا تدرك بالحواس ولا يقع في لسان واصف ولا أذن سامع، لأن تفسير الإله هو الذي أله الخلق عن درك مائيته وكيفيته بحس أو بوهم، لا بل هو مبدع الأوهام وخالق الحواس، وإنما يظهر ذلك عند الكتابة فهو دليل على أن الله أظهر ربوبيته في إبداع الخلق وتركيب أرواحهم اللطيفة في أجسادهم الكثيفة، فإذا نظر عبد إلى نفسه لم ير روحه، كما أن لام الصمد لا تتبين، ولا تدخل في حاسة من الحواس الخمس، فإذا نظر إلى الكتابة ظهر له ما خفي ولطف، فمتى تفكر العبد في مائية الباري وكيفيته أله فيه وتحير ولم تحط فكرته بشئ يتصور له، لأنه عز وجل خالق الصور، فإذا نظر إلى خلقه ثبت له أنه خالقهم ومركب أرواحهم في أجسادهم.