الأشاعرة عندما وصل إلى تفسير قوله سبحانه: * (ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه قال رب أرني أنظر إليك...) * (1)، أخذ بتفسير الآية على مذاق الأشاعرة، فلماذا كان سعي الطبرسي لإثبات معتقده خطأ، ولكن كان سعي الرازي على ما يرويه من إثبات الرؤية (2) أمرا صحيحا؟! وليس الرازي بمنفرد في هذا العمل، بل التفاسير عامة مصبوغة بهذه الصبغة، فإن لكل مفسر آراء ومعتقدات يراها عقائد صحيحة، نزل بها الوحي أو دل عليه العقل، ففي كل موضع يهتم بدعم عقائده واستعراض الآيات الدالة عليه حسب معتقده، وليس ذلك أمرا خطأ إذا كان البحث موضوعيا هادئا، وليس المترقب من كل مؤلف هادف إلا ذلك، وإنما البغيض التعصب على الباطل مع العلم به.
يقول الأستاذ الشيخ محمود شلتوت، شيخ الأزهر في تقديمه لكتاب " مجمع البيان ":
فليس من الإنصاف أن نكلف عالما مؤلفا بحاثة دراكة، أن يقف من مذهبه وفكرته التي آمن بها موقف الفتور، كأنه لا تهمه ولا تسيطر على عقله وقلبه، وكل ما نطلبه ممن تجرد للبحث والتأليف، وعرض آراء المذاهب وأصحاب الأفكار، أن يكون منصفا، مهذب اللفظ، أمينا على التراث الإسلامي، حريصا على أخوة الإيمان والعلم، فإذا جادل ففي ظل تلك القاعدة المذهبية التي تمثل روح الاجتهاد المنصف البصير: " مذهبي صواب يحتمل الخطأ، ومذهب غيري خطأ يحتمل الصواب ".
وهذا هو تفسير " المنار " الذي طبق العالم صيته وصوته يستعرض آيات الأحكام ويستدل بها على ما يوافق مذهبه، كما يستعرض آيات العقائد والمعارف