وقد نجح علماء التفسير في تحقيق أمنيتهم هذه نجاحا باهرا وأدخلوا في التفسير مسائل هامة ألهموا بها من خلال الآيات القرآنية، بيد أن بعضهم أفرط عند تطبيق الآيات الكونية على المكتشفات العصرية، وقد كان عليهم الأخذ بالحد الأوسط.
الثاني: إن طبيعة الذكر الحكيم تقتضي ذلك التطوير، بل ولن يقف الركب على هذا الحد وسيواجه المستقبل تطويرا ثالثا، ورابعا في تفسير الذكر الحكيم، كيف والنبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم يعرف معجزته الكبرى بقوله:
" ظاهره أنيق وباطنه عميق، له تخوم وعلى تخومه تخوم، لا تحصى عجائبه، ولا تبلى غرائبه، فيه مصابيح الهدى ومنار الحكمة ". (1) وهذا أمير المؤمنين عليه السلام يصف الذكر الحكيم بقوله: " أنزل عليه (النبي) الكتاب نورا لا تطفأ مصابيحه، وسراجا لا يخبو توقده، وبحرا لا يدرك قعره، ومنهاجا لا يضل نهجه، وشعاعا لا يظلم ضوؤه، وفرقانا لا يخمد برهانه، وتبيانا لا تهدم أركانه " - إلى أن قال -: و " بحر لا ينزفه المستنزفون، وعيون لا ينضبها الماتحون، ومناهل لا يغيضها الواردون ". (2) وهذا هو الإمام الطاهر علي بن موسى الرضا عليهما السلام، سأله سائل وقال: ما بال القرآن لا يزداد عند النشر والدرس إلا غضاضة؟ فقال: " إن الله تعالى لم يجعله لزمان دون زمان، ولا لناس دون ناس، وهو في كل زمان جديد وعند كل قوم غض إلى يوم القيامة ". (3)