مفاهيم القرآن (العدل والإمامة) - الشيخ جعفر السبحاني - ج ١٠ - الصفحة ٣٣٠
عنت المودة، فإنه لا يقدر واحد أن يعدل بين امرأتين في المودة ". فقدم هشام بالجواب وأخبره. قال ابن أبي العوجاء: والله ما هذا من عندك. وفي حديث آخر قال: هذا حملته من الحجاز. (1) 2 - إن قوله سبحانه: * (وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى) * (2) مما اضطرب فيه كلمات المفسرين في تبيينها، وذهب كل إلى مذهب ورأي. ولكن الإمام الصادق عليه السلام فسرها بوجه واضح ينطبق على ظاهر الآية، فعندما سأل عبد الله بن سنان عن قول الله عز وجل: * (فطرة الله التي فطر الناس عليها) * (3) ما تلك الفطرة؟ قال: " هي الإسلام، فطرهم الله حين أخذ ميثاقهم على التوحيد، قال:
* (ألست بربكم) * وفيه المؤمن والكافر ". وقد فسر الإمام آية الذر بآية الفطرة، و بين أنه لم يكن هناك أي كلام عن الاستشهاد والشهادة اللفظيين.
وجاء في رواية أخرى رواها أبو بصير قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام كيف أجابوا وهم ذر؟ قال: " جعل فيهم ما إذا سألهم أجابوه ". (4) وبذلك أعرب الإمام عن مفاد الآية، وبين أن الآيتين تهدفان إلى معنى واحد، وهو أن كل إنسان في بدء تكونه وظهوره، ينطوي فطريا تكوينيا على السر الإلهي، أعني: التوحيد، منذ أن كان موجودا ذريا صغيرا في رحم أمه، وكأن أول خلية إنسانية تستقر في رحم الأم تنطوي على هذه الوديعة الإلهية، وهي الشعور الطبيعي بالله، والانجذاب إليه، وكأن جينات الخلية لدى كل إنسان تحمل بين

(١) تفسير البرهان: ١ / ٤٢٠.
(٢) الأعراف: ١٧٢.
(٣) الروم: ٣٠.
(٤) تفسير البرهان: ٢ / 47.
(٣٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 325 326 327 328 329 330 331 332 333 334 335 ... » »»