نقلوا عن أبي عبد الله، فإن أصحاب الحديث قد جمعوا أسماء الرواة عنه من الثقات، على اختلافهم في الآراء والمقالات، فكانوا أربعة آلاف رجل " (1) وهم بين فقيه بارع، يفتي الناس في مسجد المدينة، كأبان بن تغلب (2)، ومفسر متضلع، ومحدث واع، إلى غير ذلك، حفظ التاريخ والرجال أسماءهم وللإمام خطوات واسعة في التفسير، وآثار خالدة جمعها بعده تلامذته، وسنشير إليها عند البحث عن مفسري الشيعة في القرون الإسلامية. وإليك نزرا يسيرا من تفسيره، حتى يكون نموذجا من الينبوع المتفجر، ونمير علمه الصافي:
1 - لقد كانت الزنادقة في عصر الصادق عليه السلام بصدد التشكيك في العقائد، وبذر الشبه في الأوساط. ومما كان تلوكه أشداقهم هو ما سأله ابن أبي العوجاء، هشام بن الحكم فقال له: فأخبرني عن قول الله عز وجل: * (فأنكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة) * (3). أليس هذا فرض؟ قال هشام: بلى. وقال: فأخبرني عن قوله عز وجل: * (ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة) * (4)، فقال ابن أبي العوجاء أي حكيم يتكلم بهذا؟
فرحل هشام إلى المدينة، وقصد دار الإمام الصادق عليه السلام، فقال: " يا هشام في غير وقت حج ولا عمرة؟ " قال: نعم - جعلت فداك - لأمر أهمني. إن ابن أبي العوجاء سألني عن مسألة، لم يكن عندي فيها شئ قال: وما هي؟ قال:
فأخبره بالقصة، فقال الإمام: " فأما الآية الأولى فهي في النفقة، وأما الآية الثانية فإنما