مذهب أهل البيت (ع) - السيد علي نقي الحيدري - الصفحة ٦
وضع المذاهب أخذ المسلمون بعد نبيهم صلى الله عليه وآله وسلم بسنته وشريعته، واختلفوا في الخلافة والإمامة اختلافا لا ينقضي إلى يوم القيامة. ولما كانت الخلافة - كما فهمها المسلمون من الكتاب والسنة النبوية - تعم السلطة الزمنية والدينية فكانوا - فيما لم يعرفوه من الأحكام من ظاهر الكتاب المجيد والسنة المقدسة - يرجعون فيه إلى نفس الخليفة فهو المفزع في ذلك عندهم. فإن لم يكن عنده من ذلك علم استفهم من الفقهاء وأفتى به.. ولكن لما تسافل أمر الخلافة حتى ربما صارت إلى أجهل الناس بالدين والأحكام بالقوة والغلبة صار المسلمون يرجعون في أخذ الأحكام إلى الفقهاء رأسا من دون مراجعة الخليفة. ولكن للخليفة الهيمنة التامة على العلماء بسلطته وقبضه على أزمة الأمور. فمن لم يكن منهم سائرا على وتيرته، وموافقا له في منهجه لا يسمح له أن يعلن فتواه بين ملأ المسلمين فكان في زوايا الخمول. نعم إلا أن يأخذ بفقهه البعض خفية تحت ستار التقية والمداراة.
فاتسع أمر العلم والعلماء ولا سيما الذين تزلفوا إلى السلطة القائمة واتسعت فتاواهم، وأتسع أمر الاجتهاد، وصار ثوب الاجتهاد يخلع على كل من له أدنى علم أو من ليس له من العلم نصيب حتى تسوهل في إطلاق الاجتهاد على بعض من لقي النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولو أشهرا لأجل الستر على موبقاته ومنكراته باسم الاجتهاد. فقيل: " هو مجتهد وهو
(٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 ... » »»