ويعطي ذلك التقسيم في سورة الواقعة لمن يحشر من البشر إلى ثلاثة أقسام: السابقون، وأصحاب الميمنة، وأصحاب المشأمة، ولا ريب في دخول الأنبياء والرسل والأوصياء في القسم الأول، وهو يقتضي عدم مشاركة غيرهم لهم في الدرجة، فالباقون هم في القسمين الأخيرين، ف " السبق " في الاستعمال القرآني هو في من حاز العصمة والطهارة الذاتية من الذنوب، فالسبق ها هنا هو في الدرجات لا السبق الزمني، مع أن أول السابقين زمنا من المهاجرين هو علي بن أبي طالب (عليه السلام)..
ومن ذلك يظهر المراد من أول السابقين من الأنصار، فإن المطهر من الذنب من الأنصار - أي الذي لم يهاجر - هما الحسنان، فإنهما اللذان نزلت فيهما وفي أبويهما آية التطهير كما هو مقرر في موضعه من سبب نزول الآية في أخبار الفريقين.
وكذلك يظهر المراد من الذين اتبعوهم بإحسان، أنهم المطهرون من الذنب من الذرية النبوية، ويطالعك بهذا المعنى - مضافا إلى أنه مقتضى معنى " السبق " في الاستعمال القرآني - أن مقام الإحسان في القرآن لا ينطبق على غير المعصوم من الزلل والخطأ، إذ لم يسند الإحسان إلى فعل مخصوص، بل جعل وصفا لكل معصوم من الذنب، لاحظ قوله تعالى:
* (ومن ذريته داود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهارون وكذلك نجزي المحسنين) * (1)..
وقوله تعالى: * (ولما بلغ أشده آتيناه حكما وعلما وكذلك نجزي المحسنين) * (2)..