أو مرتين ثم لا يتوبون ولا هم يذكرون * وإذا ما أنزلت سورة نظر بعضهم إلى بعض هل يراكم من أحد ثم انصرفوا صرف الله قلوبهم بأنهم قوم لا يفقهون) * (1)..
فترى أن في سورة التوبة قد نزل الأمر بجهاد المنافقين على حد جهاد الكفار سواء، وأفرد بالخطاب به النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، ونزل الأمر بمجاهدة الكفار الذين يلون المؤمنين - أي القريبين منهم - وجعلت الآيات الذين في قلوبهم مرض من الكفار، وقد عرفت أن الذين في قلوبهم مرض هم من الخاصة التي أظهرت الإسلام في أوائل البعثة كما صرحت بذلك سورة المدثر، أما سورة التوبة فقد نزلت في غزوة تبوك، أي في أخريات حياة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)..
وقد نزل قبل ذلك في سورة الأحزاب التهديد بمجاهدة المنافقين والذين في قلوبهم مرض من دون الأمر به، قال تعالى: * (لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم ثم لا يجاورونك فيها إلا قليلا * ملعونين أينما ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتيلا * سنة الله في الذين خلوا من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا) * (2)..
فسورة التوبة متميزة من بين السور الأخرى في ملاحقة فلول أقسام المنافقين والذين في قلوبهم مرض، إلى درجة نزول الأمر بجهاد المنافقين على حد جهاد الكفر سواء، ومن ذلك يظهر ملاحقة القرآن الذين في قلوبهم مرض، وهم ممن احترف النفاق ومرد عليه، من أوائل البعثة حتى