ومن المقرر في موضعه تاريخيا - برغم الدعاوي الأخرى - أن أول السابقين إلى الإسلام هو علي بن أبي طالب (عليه السلام)، ومن ثم حاولت الدعاوي الأخرى الإستعاضة لتطبيق الآية بأن عليا أول من أسلم من الأحداث، وأن خديجة أول من أسلم من النساء، وأن...
ولكن السبق والأولية في الآية غير مقيدتين بحيثية السن أو الجنس، هذا من جانب، ومن جانب آخر نرى أن استعمال القرآن الكريم للسبق هو بمعنى خاص كما تطالعنا به سورة الواقعة، وهذا كديدن الاستعمال القرآني في العديد من عناوين الألفاظ كالصديقين والاصطفاء والتطهير..
فالمعنى الذي في سورة الواقعة * (السابقون السابقون * أولئك المقربون) * (1) هو خصوص " المقرب "، وقد أكدت الآية على عنوان " السبق " بالتكرار للإشادة به، و " المقرب " قد أريد به معنى خاص في سورة المطففين: * (كلا إن كتاب الأبرار لفي عليين * وما أدراك ما عليون * كتاب مرقوم * يشهده المقربون) * (2)، فعرف المقرب بأنه الذي يشهد كتاب الأبرار، وشهادة الأعمال من خصائص الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) كما ذكرت ذلك الآيات كما في سورة التوبة..
وهذا يعطينا مؤدى أن " المقرب " ليس من درجة الأبرار من أنماط المؤمنين، بل فوقهم شاهد لما يعملونه، وشهادة الأعمال لا ريب أنها نحو من الغيب الذي لا يطلعه الله إلا لمن ارتضى من رسول، فهي نحو من العلم اللدني الإلهي المخصص بالمقربين، فهم نحو من الذين أوتوا مناصب إلهية غيبية جعلها لهم.