مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٥٩ - الصفحة ١٦٠
بتجنبه سهلا، لا سيما وهو يرى شيخه البرقي يخرج عنوة من قم!
والذي أراه شخصيا أن الصفار كان معتقدا بوثاقة سهل بن زياد وجازما بصدقه وعدالته، بدليل أنه - وبعد انتقال الأشعري إلى رحمة الله - سارع للتحديث عن سهل بالروايات (الممنوعة) ليلقيها على مسامع أقطاب الحديث من تلامذته كالكليني رضوان الله تعالى عليه، الذي يقول عنه النجاشي: " شيخ أصحابنا في وقته بالرأي ووجههم، وكان أوثق الناس في الحديث وأثبتهم " (1).
وعلى أية حال فإن ما ذكرناه لا يعني القول بإنكار وجود الغلاة ولا إنكار وجود رواياتهم أيضا، بقدر ما يعني التريث بشأن تهمة الغلو والتحقيق في منشأها وأسبابها ومصدرها، فإن لم تثبت بحق بعضهم فلا معنى للتساؤل عن سر وجود مروياتهم في كتبنا.
وإن ثبتت بحق بعض آخر، فكيف يعقل اعتماد الثقة الجليل على خبر الغلاة بعد انحرافهم وإيداعه في كتابه، وهو بنفسه يرى ضرورة تكذيبهم ولعنهم والبراءة منهم اقتداء بما تواتر عن أهل البيت (عليهم السلام) بلعنهم، والبراءة منهم، وإهانتهم؟! وقد تقدم في حديث الحسين بن خالد عن الإمام الرضا (عليه السلام) ما هو صريح بذلك..
هذا فضلا عن إيعاز أهل البيت (عليهم السلام) لشيعتهم بالفتك بالغلاة وتصفيتهم جسديا مع التمكن، وقد استطاع بعضهم ذلك فعلا، إذ تمكن أحد أصحاب الإمام العسكري (عليه السلام) من الفتك بفارس بن حاتم بن ماهويه القزويني فقتله بسامراء بعد أن اتضح غلوه ولعنه على لسان الإمام (عليه السلام).

(١٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 155 156 157 158 159 160 161 162 163 164 165 ... » »»
الفهرست