مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٥٩ - الصفحة ١٦١
وكل هذا يدل على أن روايات بعض الغلاة قد نقلت عنهم في حال استقامتهم وهذا هو ما صرح به الشيخ الطوسي (قدس سره) في تسجيل موقفه الصريح إزاء مروياتهم، مؤكدا جواز العمل بما رووه في حال استقامتهم وعدمه في حال انحرافهم، بل حتى ما رووه في حال استقامتهم لم يعمل به الشيخ مطلقا دون قيد أو شرط، وإنما عامله معاملة الخبر الضعيف الذي لا يمكن القول بجواز العمل به مع وجود ما يشهد بصحته، وإلا وجب التوقف إزاء ما يروونه الغلاة في الحالتين معا.
وهذا مما لا ينبغي الشك فيه، فالشيخ بعد أن قرر أن الطائفة روت عن أولئك الغلاة كأبي الخطاب محمد بن أبي زينب، وأحمد بن هلال، وابن أبي العزاقر، قبل انحرافهم وفي حال استقامتهم (1)، لا يبقى ثمة وجه لمناقشة خبرهم على أساس صدوره بعد انحرافهم، ولهذا قلنا بأن الشيخ كان ينظر لأخبارهم بتوجس وحيطة على الرغم من صدورها عنهم في حال سلامتهم..
وأكثر ما يتضح هذا من الشيخ في كتابه الغيبة - مع وجود ما يدل عليه أيضا في التهذيب والاستبصار - لنكتة مناقشته لجميع ما استدل به المنحرفون في إثبات مدعياتهم وتكذيبهم (2)، كما هو الحال في روايات أحمد بن هلال العبرتائي التي أشرنا لها في أمثلة الحديث المردود عند الشيخ في ما تقدم من الحلقة السابقة، ولا حاجة بنا إلى إعادته.

(١) أنظر: العدة في أصول الفقه - للشيخ الطوسي - ١ / ١٣٥ و ١٥١.
(٢) أنظر على سبيل المثال: الغيبة - للشيخ الطوسي -: 55 ح 48.
(١٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 156 157 158 159 160 161 162 163 164 165 166 ... » »»
الفهرست