مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٥٧ - الصفحة ٧٨
نحن فيه صوابا، فأبوك استبد به ونحن شركاؤه، ولولا ما فعل أبوك من قبل ما خالفنا ابن أبي طالب، ولسلمنا إليه، ولكنا أباك فعل ذلك به من قبلنا، فأخذنا بمثله، فعب أباك بما بدا لك، أو دع ذلك، والسلام على من أناب " (1).
وروى البلاذري ما كتبه يزيد بن معاوية في جواب عبد الله بن عمر، لما اعترض عليه بقتل الحسين (عليه السلام): " أما بعد، يا أحمق! فإنا جئنا إلى بيوت مجددة، وفرش ممهدة، ووسائد منضدة، فقاتلنا عنها، فإن يكن الحق لنا فعن حقنا قاتلنا، وإن يكن الحق لغيرنا فأبوك أول من سن هذا واستأثر بالحق على أهله ".
وكمثال تطبيقي على ما قلنا، نرى أن معاوية ينتهج السياسة نفسها التي انتهجها عمر بن الخطاب في الموالي، فقد جاء في رسالته إلى زياد بن أبيه:
" وانظر إلى الموالي ومن أسلم من الأعاجم، فخذهم بسنة عمر بن الخطاب، فإن ذلك خزيهم وذلهم، أن تنكح العرب فيهم ولا ينكحهم... ".
وهكذا أصبحت سيرة الشيخين سنة تتبع في الحديث (2) والفقه (3)

(١) جمهرة رسائل العرب ١ / ٤٧٧ عن مروج الذهب ٢ / ٦٠٠، شرح نهج البلاغة ٣ / ١٩٠.
(٢) إذ حدد عثمان ومعاوية التحديث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) " في ما عمل به على عهد عمر ".
أنظر: الطبقات الكبرى ٢ / ٣٣٦، كنز العمال ١ / 291، تاريخ دمشق 3 / 160.
(3) فمثلا جاء عن مروان بن الحكم قوله: إن عمر بن الخطاب لما طعن استشارهم في الجد، فقال: إني رأيت في الجد رأيا، فإن رأيتم أن تتبعوه فاتبعوه، فقال عثمان: إن نتبع رأيك فهو رشد، وإن نتبع رأي الشيخ من قبلك فنعم ذو الرأي كان.
أنظر: المستدرك على الصحيحين 4 / 340.
(٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 ... » »»
الفهرست