ولأنهم بعد كشف الشبهة أصروا إصرارا واستكبروا استكبارا " (1).
وقال: " فإن قيل: يزعمون أن الوقيعة في الصحابة بالطعن واللعن والتفسيق والتضليل بدعة وضلالة، وخروج عن مذهب الحق، والصحابة أنفسهم كانوا يتقاتلون بالسنان، ويتقاولون باللسان بما يكره، وذلك وقيعة.
قلنا: مقاولتهم ومخاشنتهم في الكلام كانت محض نسبة إلى الخطأ، وتقرير على قلة التأمل، وقصد إلى الرجوع إلى الحق، ومقاتلتهم كانت لارتفاع التباين، والعود إلى الألفة والاجتماع بعدما لم يكن طريق سواه.
وبالجملة: فلم يقصدوا إلا الخير والصلاح في الدين.
وأما اليوم، فلا معنى لبسط اللسان فيهم إلا التهاون بنقلة الدين، الباذلين أنفسهم وأموالهم في نصرته ".
ثم قال: " وأما بعدهم فقد جل المصاب، وعظم الواقع، واتسع الخرق على الراقع، إلا أن السلف بالغوا في مجانبة طريق الضلال خوفا من العاقبة، ونظرا للمآل.
يعني أن ما وقع بين الصحابة من المحاربات والمشاجرات على الوجه المسطور في كتب التواريخ، والمذكور على ألسنة الثقات، يدل بظاهره على أن بعضهم قد حاد عن طريق الحق، وبلغ حد الظلم والفسق، وكان الباعث له الحقد والعناد، والحسد واللداد، وطلب الملك والرئاسة والميل إلى اللذات والشهوات، إذ ليس كل صحابي معصوما، ولا كل من لقي النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بالخير موسوما.
إلا أن العلماء لحسن ظنهم بأصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ذكروا لها