مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٥٧ - الصفحة ٤٦
والقاسطون: معاوية وأتباعه الذين اجتمعوا عليه، وعدلوا عن طريق الحق الذي هو بيعة علي (رضي الله عنه) والدخول تحت طاعته، ذهابا إلى أنه مالأ على قتل عثمان حيث ترك معاونته، وجعل قتلته خواصه وبطانته...
والذي اتفق عليه أهل الحق أن المصيب في جميع ذلك علي (رضي الله عنه) لما ثبت من إمامته ببيعة أهل الحل والعقد، وظهر من تفاوت إما بينه وبين المخالفين، سيما معاوية وأحزابه، وتكاثر من الأخبار في كون الحق معه، وما وقع عليه الاتفاق - حتى من الأعداء - إلى أنه أفضل زمانه، وأنه لا أحق بالإمامة منه.
والمخالفون بغاة، لخروجهم على الإمام الحق بشبهة، هي تركه القصاص من قتلة عثمان، ولقوله (صلى الله عليه وآله وسلم) لعمار: " تقتلك الفئة الباغية " وقد قتل يوم صفين على يد أهل الشام، ولقول علي (رضي الله عنه): إخواننا بغوا علينا، وليسوا كفارا ولا فسقة ولا ظلمة، لما لهم من التأويل.
وإن كان باطلا، فغاية الأمر أنهم أخطأوا في الاجتهاد، وذلك لا يوجب التفسيق، فضلا عن التكفير، ولهذا منع علي (رضي الله عنه) أصحابه من لعن أهل الشام، وقال: إخواننا بغوا علينا.
كيف؟! وقد صح ندم طلحة والزبير، وانصراف الزبير عن الحرب، واشتهر ندم عائشة.
والمحقون من أصحابنا على أن حرب الجمل كانت فلتة من غير قصد من الفريقين، بل كانت تهييجا من قتلة عثمان، حيث صاروا فرقتين، واختلطوا بالعسكرين، وأقاموا الحرب خوفا من القصاص، وقصد عائشة لم يكن إلا إصلاح الطائفتين، وتسكين الفتنة، فوقعت في الحرب.
وما ذهب إليه الشيعة من أن محاربي علي كفرة، ومخالفوه فسقة،
(٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 ... » »»
الفهرست