مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٥١ - الصفحة ٣٩٨
السعادة، ويقيم لهم الحجج الواضحة، والبراهين اللائحة.
والأئمة (عليهم السلام) من أهل بيت لا تجهل منزلتهم، ولا تنكر مكانتهم، وهم أولى بتبليغ الأحكام، وهداية الأنام إلى سواء السبيل، مهما كثرت عوامل المعارضة في طريق الوصول إلى الغاية المتوخاة.
والإمام الكاظم (عليه السلام) واحد من هؤلاء الأفذاذ، والثمرة المباركة من تلك الشجرة النبوية المطهرة، إمام الصبر على التقوى والعبادة (1)، الحائز لقصب السبق في ميدان سيادة الولاية، وولاية السيادة، لا يلحق أثره ولا يبلغ شأوه، فلذلك نرى كثيرا من علماء زمانه يغتنمون فرصة الحضور عنده للنهل من عطائه وتعاليمه، وحرصهم على الظفر ببعض الوصايا الثمينة والدرر القيمة التي يبوح بها لينتفعوا بها، فهم يطلبون الخير لأنفسهم وللأمة.
ولم يكن هناك منهج معين للمسائل التي يسألونه عنها، بل كان تارة يسأل عن مختلف العلوم والمسائل المشكلة فيحلها، ويبتدئ تارة فيهدي قلوبا متنكبة ضلت طريقها، وتارة يجتمعون حواليه فيحدثهم عن آبائه فيما

(١) قال عمار بن أبان: حبس أبو الحسن موسى بن جعفر (عليهما السلام) عند السندي، فسألته أخته أن تتولى حبسه - وكانت تتدين - ففعل، فكانت تلي خدمته، فحكي لنا أنها قالت:
كان إذا صلى العتمة حمد الله ومجده ودعاه، فلم يزل كذلك حتى يزول الليل، فإذا زال الليل قام يصلي حتى يصلي الصبح، ثم يذكر قليلا حتى تطلع الشمس، ثم يقعد إلى ارتفاع الضحى، ثم يتهيأ ويستاك ويأكل، ثم يرقد إلى قبل الزوال، ثم يتوضأ ويصلي حتى يصلي العصر، ثم يذكر في القبلة حتى يصلي المغرب، ثم يصلي ما بين المغرب والعتمة، فكان هذا دأبه.
فكانت أخت السندي إذا نظرت إليه قالت: خاب قوم تعرضوا لهذا الرجل.
تاريخ بغداد ١٣ / ٣١، سير أعلام النبلاء ٦ / ٢٧٣، الكامل في التاريخ ٦ / 164.
(٣٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 391 392 393 396 397 398 399 400 401 402 403 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة