مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٥٠ - الصفحة ١٨٤
لا يعدل عند العقلاء في النقل - ولو - عن صادق واحد..
وخلاصة الشرطين: إن الوصف المذكور لما يوجب العلم من الأخبار في نظر الصدوق (رحمه الله) لا ينحصر بمجرد تعدد الرواة ما لم يحرز صدقهم وأمانتهم في روايتها، سواء عن طريق العلم بوثاقتهم، أو اكتشاف صدقهم من طريق آخر وإن ضعف بعضهم بكتب الرجال، كأن يكون العمل بخبرهم مقطوعا عليه من أرباب فقهاء المذهب الذين هم أدرى من غيرهم بصحة الأخبار، فلا عبرة بالناقلين إذن مع تحقق الإجماع.
ومن هنا يعلم أن مراسيل الصدوق (رحمه الله) التي احتج بها في الفقيه لا يمكن سلخها عن هذه الحقيقة بحجة عدم العلم بأسانيدها، إذ لا ضير في ذلك مع العلم بكيفية منهجه في اعتماد الأخبار وتصريحه بحذف أسانيدها لأجل الاختصار، وهذا يعني وقوفه على أسانيدها، وتحققه من خروجها عن إطار الآحاد، وانطباقها مع مبناه في الاحتجاج بالخبر.
وأما عن احتمال كونها مرسلة في الأصل المنقول عنه - أي في مصادر الصدوق (رحمه الله) نفسه - مما يتعذر العلم معه بحال الواسطة المجهولة، فلا يضر ذلك أيضا لما تقدم في أدلة القول الثاني من اعتماد القرائن المحتفة بالخبر، والتي يجب أن تكون موافقة لمبنى الصدوق (رحمه الله) بمعنى أن تكون كاشفة عن صدق المخبر وإن كان ضعيفا أو مجهولا.
نعم، يستثنى من ذلك الانفرادات التي نبه عليها الصدوق (رحمه الله)، والأخبار الشاذة التي أوردها في كتابه، وكذلك التي لم يعمل بها سواه، ويلحق بها ما رد بسبب الإرسال ونحوه لوجود المعارض الأقوى.
وأما ما عدا ذلك فهو حجة - بتقديرنا - تمسكا بشهادة الصدوق عليها بالصحة نتيجة النظر إلى صدق الراوي مع القرائن الكاشفة عن سلامة خبره،
(١٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 179 180 181 182 183 184 185 186 187 188 189 ... » »»
الفهرست