الأمور كحاجة غيرهم إلى معرفتها، وذلك لاستمرار عصر النص عند الشيعة الإمامية أكثر من ثلاثة قرون، وإن انحصر بعد وفاة الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) في سنة 260 ه بالتوقيعات الخارجة من الإمام المهدي عجل الله فرجه الشريف على أيدي سفرائه الأربعة رضي الله عنهم طيلة فترة الغيبة الصغرى التي انتهت في سنة 329 ه.
وهذا يعني إمكان رجوع الشيعة الإمامية إلى مصدر النص نفسه لحل ما يشكل عليهم في بعض النصوص، بينما لا نجد ذلك عند غيرهم من العامة لانتهاء عصر النص عندهم بوفاة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) في السنة الحادية عشرة من الهجرة المشرفة، زيادة على طول مدة الحظر الرسمي على تدوين الحديث عندهم، مع تفشي الوضع وكثرة الكذب بين الرواة على عهد معاوية وبتشجيع منه.
ومن هنا برزت الحاجة مع تدوين الحديث - عند رفع الحظر عنه - إلى التصنيف في علومه، من رجال ودراية عند العامة.
ومع هذا فقد تقدم الشيعة الإمامية عليهم في التصنيف الرجالي كما مر، وكذلك التصنيف في مسائل علم دراية الحديث.
فقد صنف أبان بن تغلب كتاب " من الأصول في الرواية على مذهب الشيعة " (1)، وأبان من متقدمي الشيعة وأجلائهم، مات سنة 141 ه.
وقد يكون في كتاب " اختلاف الحديث " لابن أبي عمير (ت 217 ه)، وكتاب " معيار الأخبار " للفقيه العياشي (ت 320 ه) بعض المباحث في دراية الحديث أيضا.