مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٤٧ - الصفحة ٢٣٩
وروايته، ومن لا يعتمد على خبره، ومدحوا الممدوح منهم، وذموا المذموم، وقالوا: فلان متهم في حديثه، وفلان كذاب، وفلان مخلط، وفلان مخالف في المذهب والاعتقاد، وفلان واقفي، وفلان فطحي، أو غير ذلك من الطعون التي ذكروها، وصنفوا في ذلك الكتب " (1).
وهنا لا بد من الإشارة السريعة إلى رجوع الفضل في معرفة أقسام الحديث وأصناف الرواة إلى أهل البيت (عليهم السلام) لا سيما أمير المؤمنين (عليه السلام)، ولا زالت كتب الشيعة الإمامية تحتفظ له (عليه السلام) إلى اليوم بأقدم وثيقة درائية ورجالية في الإسلام.
ففي " نهج البلاغة " من كلام لأمير المؤمنين (عليه السلام)، وقد سأله سائل عن أحاديث البدع، وعما في أيدي الناس من اختلاف الخبر، فقال (عليه السلام):
" إن في أيدي الناس حقا وباطلا، وصدقا وكذبا، وناسخا ومنسوخا، عاما وخاصا، ومحكما ومتشابها، وحفظا ووهما، ولقد كذب على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على عهده، حتى قام خطيبا فقال: من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار.
وإنما أتاك بالحديث أربعة رجال ليس لهم خامس:
رجل منافق مظهر للإيمان متصنع بالإسلام، لا يتأثم ولا يتحرج، يكذب على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) متعمدا، فلو علم الناس أنه منافق كاذب لم يقبلوا منه، ولم يصدقوا قوله، ولكنهم قالوا: صاحب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) رأى وسمع منه ولقف عنه! فيأخذون بقوله.
وقد أخبرك الله عن المنافقين بما أخبرك، ووصفهم بما وصفهم به لك.

(1) عدة الأصول - الشيخ الطوسي - مخطوط، ج 2 ورقة 53 / أ.
(٢٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 234 235 236 237 238 239 240 241 242 243 244 ... » »»
الفهرست