أمير المؤمنين (عليه السلام).
فقد صنف مولى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وصاحب أمير المؤمنين (عليه السلام) وخازنه على بيت أموال المسلمين بالكوفة، الصحابي الجليل أسلم أبو رافع، كتابا بعنوان " كتاب السنن والأحكام والقضايا "، واشتمل هذا الكتاب المبوب على أبواب الصلاة والصيام، والحج، والزكاة، والقضايا، على الأحاديث الشريفة المصنفة على تلك الأبواب.
مات أبو رافع (رضي الله عنه) بعد استشهاد أمير المؤمنين (عليه السلام) سنة 40 ه، وقيل في أول خلافته (عليه السلام)، أي: في سنة 35 ه.
ومنه يعلم أنه أول من دون الحديث مبوبا بعد أمير المؤمنين (عليه السلام)، وهو من شيعته بلا خلاف بين سائر أرباب الرجال والتراجم.
وبهذا تكون المرحلة الأولى من مراحل تدوين الأحاديث عند الشيعة قد ابتدأت وانتهت في عصر صدر الإسلام.
ثم جاءت المرحلة الثانية، ويمثلها خلص أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام) من الذين لم يدركوا العصر النبوي، بل كانوا من رؤوس التابعين، فخلفوا لمن جاء بعدهم كتبا كثيرة في الحديث الشريف، وقد برز منهم: الأصبغ بن نباتة، والحرث بن عبد الله، وربيعة بن سميع، وسليم بن قيس الهلالي، وعبيد الله بن الحر، وعبيد الله بن أبي رافع، وأخوه علي بن أبي رافع - وكانا كاتبين لعلي (عليه السلام) - ومحمد بن قيس البجلي، وميثم التمار (ت 60 ه) ويعلى بن مرة، وغيرهم.
وقد انحصر التدوين في هذه المرحلة في النصف الثاني من القرن الأول الهجري، بعد اشغال النصف الأول منه بمدونات الأوائل من الصحابة الشيعة، إذ كان عمر التدوين في هاتين المرحلتين ممتدا على طول زمان