والتماسه منهم التأمين على دعائه، بمجرده فضل عظيم، وانتخابه إياهم لهذه المهمة العظيمة، واختصاصهم بهذا الشأن الكبير وإيثارهم فيه على من سواهم من أهل السوابق، فضل على فضل، لم يسبقهم إليه سابق، ولن يلحقهم فيه لاحق، ونزول القرآن العزيز أمرا بالمباهلة بهم بالخصوص فضل ثالث، يزيد فضل المباهلة ظهورا، ويضيف إلى شرف اختصاصهم بها شرفا، وإلى نوره نورا - كما قال الإمام شرف الدين العاملي زحمه الله (1) -.
وقال رحمه الله: إن اختصاص الزهراء من النساء والمرتضى من الأنفس - مع عدم الاكتفاء بأحد السبطين من الأبناء - دليل على ما ذكرناه من تفضيلهم عليهم السلام، لأن عليا وفاطمة لما لم يكن لهما نظير في الأنفس والنساء كان وجودهما مغنيا عن وجود من سواهما، بخلاف كل من السبطين، فإن وجود أحدهما لا يغني عن وجود الآخر لتكافئهما، ولذا دعاهما صلى الله عليه وآله وسلم جميعا، ولو دعا أحدهما دون صنوه كان ترجيحا بلا مرجح، وهذا ينافي الحكمة والعدل.
نعم، لو كان ثمة من الأبناء من يساويهما لدعاه معهما، كما أنه لو كان لعلي نظير من الأنفس أو لفاطمة من النساء لما حاباهما، عملا بقاعدة الحكمة والعدل والمساواة. انتهى (2).
ومنها: قوله جل وعلا في آية التطهير: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) وقد علم كل منصف أن هذه الآية البينة إنما نزلت في الخمسة أصحاب الكساء، ومنهم فاطمة سيدة النساء، وكفاك هذا برهانا على أنهم أفضل من أقلته الأرض يومئذ ومن