مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٤٥ - الصفحة ١٧١
سيحدد عنده موقع السنة، وطريقته في التعامل معها رواية وتدوينا.. لقد كانت السنة عنده في المكان الذي وضعها الله ورسوله به، حاكمة غير محكوم عليها، لا تنسخها (مصلحة) فالمصلحة كل المصلحة في تحكيمها واتباعها، ولقد ضحى بالخلافة مرة بعد مرة حفاظا على السنة أن تنتهك أو يساء الفهم في حقيقة مكانتها.
رفض أن يبايعوا له بالخلافة على عقد يقرن بسنة النبي سننا أخرى، إذ عرض عليه عبد الرحمن بن عوف أن يبايع له على (كتاب الله وسنة رسوله وسيره الشيخين أبي بكر وعمر) فرفض أن يقرن إلى كتاب الله وسنة رسوله شيئا آخر، فضحى بالخلافة حفظا لمكانة السنة في درس بليغ لم تقف هذه الأمة على جوهره حتى اليوم!
ورفض أن يشتري استقرار الحكم أيام خلافته بمداهنة أهل البدع والانحراف الذين انتهكوا السنن وعطلوا الحدود، في درس عبقري يظنه القشريون حتى اليوم إخفاقا سياسيا!!
ورفض أن يعزز جيشه بكتيبة جاءت تبايع له على خلاف السنة يوم خرج عليه المارقون، قالوا: نبايعك على كتاب الله وسنة رسوله وسيرة الشيخين! فرفض أن يقرن بكتاب الله وسنة رسوله شرطا ولو أدى رفضه إلى تمرد هؤلاء والتحاقهم بالمارقين.
ورفض أن يعامل أعداءه ولو مرة بخلاف السنة، وهم يمكرون وينكثون ويغدرون.
إنه الرجل الذي كان منهاجه منهاج القرآن والسنة، لقد كان التجسيد الحي لكتاب الله وسنة رسوله.
ووفق هذا المنهج سوف نرى له - وباختصار شديد - مواقف وسياسة
(١٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 ... » »»
الفهرست