مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٤٥ - الصفحة ١٨٢
فانظر كيف أخذ أهم علامات كذب الرواية ليجعله الشاهد على صدقها!!
فمن قال لك أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد قام مصدقا لهذه الرواية؟! هل سمعته من أحد غير هذه الرواية نفسها؟!
إن مثل هذه القصة ليست مما يرتاب العقل في تكذيبها بعد المسح العلمي الدقيق، إنها تماما من قبيل روايات تقول: إن الأرض تقف على قرن ثور، والثور على ظهر حوت، وهو النون التي في قوله تعالى: (ن والقلم)!!
فإذا كان يصدقها بالأمس ناس عمدتهم وثاقة الرواة، فليس لهذه الوثاقة اليوم محل أمام الكشف العلمي الدقيق والمباشر.. ولا يعاب في ذلك المتقدمون! ولكن يعاب الذين قرضوا القرن التاسع عشر والقرن العشرين وما زالوا يلتمسون ذلك وراء وثاقة الراوي وأهمية المصدر، بدلا من أن يضع ذلك كله موضع الاختبار بناء على هذه الحقائق الملموسة.
وتميم هذا هو الذي ابتدأ فاستأذن عمر أن يقص، فأذن له بعد أن رده أولا، فهو أول قاص مأذون في الإسلام (1)، فكان يقوم في المسجد كل جمعة يعظ أصحاب رسول الله! قبل أن يخرج عمر إلى الجمعة.. فلما جاء عثمان طلب منه تميم أن يزيده، لأن موقفا واحدا في الأسبوع لا يكفيه، فزاده عثمان يوما آخر يتحف فيه أصحاب رسول الله بمزيد من مواعظه!
لكن في تلك السنين كان التحدث بأحاديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم

(1) أنظر ترجمة تميم بن أوس الداري في: الإستيعاب، أسد الغابة، الإصابة، سير أعلام النبلاء.
(١٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 177 178 179 180 181 182 183 184 185 186 187 ... » »»
الفهرست